الثلاثاء, 5 أغسطس 2025 05:15 AM

لبنان يودع زياد الرحباني: فيروز حاضرة في وداع ابنها والوطن يسير خلف نعشه

لبنان يودع زياد الرحباني: فيروز حاضرة في وداع ابنها والوطن يسير خلف نعشه

في مشهد مؤثر، ودّع لبنان الموسيقار والمفكر والمسرحي زياد الرحباني، وسط حضور حزين للسيدة فيروز، التي لم تكن فقط الأم، بل الناجية من فواجع رحيل عاصي وليال وزياد.

في يوم وداعه، عاد زياد الرحباني إلى المحيدثة، البلدة التي شهدت انطلاقته المسرحية عام 1974 بمسرحية "سهرية"، ليُدفن في ترابها.

بين هذا التاريخ واليوم، مسيرة فنية حافلة بالموسيقى والمسرح، والسخرية والحب، والتمرّد والحنين، والوجع الذي لازمه حتى النهاية.

من أمام مستشفى خوري في الحمراء، حيث عاش جزءاً من حياته، انطلق موكب زياد الأخير، محاطاً بمحبة الناس الذين كتب لهم وضحكوا معه وبكوا عليه.

الشارع اهتز بالتصفيق والزغاريد والورود، في وداع يليق بـ "زياد"، وكأنه شريط طويل من الذكريات.

شارك في الوداع فنانون وسياسيون وشعراء وعابرون، متجهين نحو كنيسة رقاد السيدة في المحيدثة – بكفيا، حيث ووري الجثمان في حديقة منزل العائلة في الشوير.

السيدة فيروز، الأم الحزينة، حضرت بصمت، مرتدية وشاحاً أسود ونظارة سوداء، تحمل وجع السنين وتحاول التماسك.

زياد، بكرها وفرحتها الأولى، ترك لها إرثاً من الألحان والأغاني التي غنتها بصوتها، معبرة عن الوجع والعتاب.

ودّعوه بلا بهرجة، كما أحب، من الحمراء إلى بكفيا، مقتبسين من كلماته: "اسهروا كما تسهر الحيطان، لا تتكلموا عن شيء، وانظروا بعضكم إلى بعض… علّ الوجوه تتحادث".

في كنيسة رقاد السيدة، رافقه أحمد مدلج، رفيق دربه، بصمت، شاهداً على الغياب والتعب.

في وداعه، تجسدت حياة مليئة بالتناقضات: ابن فيروز وعاصي، الموهبة المبكرة، الكاتب، الشاعر، الملحن، الناقد، الساخر، السياسي بلا حزب، الماركسي الرومانسي، العاشق لوطنه.

في أيامه الأخيرة، خفت صوته، وحمل جسده المرض والاكتئاب، لكن أثره لم يتراجع، وبقي حاضراً كصوت من لا صوت لهم، وابتسامة سخرية على وجه بلد يبكي.

لقد بسط الفلسفة، ومزج موسيقى الشرق بالجاز، وطرح الأسئلة الساخرة على المسرح.

من رحم السيدة فيروز، إلى أرض بكفيا، ختم زياد الرحباني مسيرته، تاركاً لنا الحبر والمسرح والموسيقى ووسام الأرز وعبارة "إيه في أمل".

رئيس الحكومة نواف سلام منح الفقيد وسام الأرز.

مشاركة المقال: