أعلن رئيس "هيئة العدالة الانتقالية" السورية، عبد الباسط عبد اللطيف، عن تنسيق الهيئة مع "الإنتربول" والهيئات الدولية الأخرى المعنية، بهدف ملاحقة رئيس النظام السابق، بشار الأسد، وأفراد أسرته المتورطين، بمن فيهم شقيقه ماهر الأسد، قائد "الفرقة الرابعة"، وذلك عبر الطرق القانونية تمهيدًا لمحاكمتهم.
وفي حواره مع قناة "العربية" السعودية، أوضح عبد اللطيف أن المساءلة ستشمل المتورطين من "الميليشيات" العابرة للحدود، بما في ذلك أعضاء من "حزب الله" اللبناني، الذين ثبت تورطهم في سفك الدم السوري. وأكد أن العمل جارٍ لمحاسبة رموز النظام السابق الذين ارتكبوا انتهاكات، وملاحقتهم قانونيًا حتى لو كانوا خارج البلاد، بالإضافة إلى محاسبة أي مجرم بحق الشعب السوري، بغض النظر عن هويته أو انتمائه.
وشدد عبد اللطيف على أن المحاسبة لن تقتصر على الجيش والأجهزة الأمنية فقط، بل ستطال كل من ثبت تورطه في الجرائم والانتهاكات والتحريض على الشعب السوري، والتسبب بانتهاكات جسيمة بحق السوريين، وتبرير جرائم النظام. وأكد سعي الهيئة لعدم إفلات أي شخص أو جهة حرضت وبررت الانتهاكات والجرائم ضد السوريين.
النظام الداخلي للهيئة
أوضح عبد اللطيف أن الهيئة، كما عرفها المرسوم رقم "20" الصادر عن الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، في 17 أيار الماضي، هي هيئة وطنية ذات شخصية اعتبارية، تتمتع باستقلال مالي وإداري، تعنى بكشف الحقيقة حول الانتهاكات الجسيمة التي تسبب بها النظام السابق، ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها بالتنسيق مع الجهات المعنية، وجبر الضرر الواقع على الضحايا، وترسيخ مبادئ عدم التكرار والمصالحة الوطنية.
وأشار إلى أن الهيئة أجرت لقاءات ومشاورات مع الضحايا وممثليهم، ومنظمات المجتمع المدني، والهيئات والمنظمات الدولية ذات الشأن، وأكاديميين وحقوقيين، واطلعت على تجارب دول أخرى في مجال العدالة الانتقالية. وقد انتهت الهيئة من إعداد نظامها الداخلي، وتشكيل فريق عملها، ومدونة سلوك لأعضائها والعاملين فيها، وتستعد للانطلاق بكامل طاقتها في جميع أنحاء سوريا.
وأكد عبد اللطيف أن تحقيق العدالة الانتقالية سيتم وفقًا للمواد "48" و"49" من الإعلان الدستوري، والمرسوم الجمهوري القاضي بإحداث الهيئة، من خلال آليات محددة ستتبعها الهيئة ولجانها. وستقاضي الهيئة، وفقًا للمرسوم، كل من تسبب بانتهاكات جسيمة بحق السوريين من النظام السابق وأعوانه.
يذكر أن منظمات دولية ومجتمع مدني سورية عملت على توثيق جرائم وانتهاكات النظام، وتحديد هوية العديد من المجرمين من القادة العسكريين والأمنيين والمدنيين، استنادًا إلى الوثائق التي عثر عليها في الوحدات العسكرية والأمنية والسجون. وستعمل الهيئة على محاسبتهم وفق القانون.
صندوق لجبر المتضررين
أوضح عبد اللطيف أن الضحايا هم ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بمن فيهم من فقد حياته، ومن تعرض لإعاقة، وعائلاتهم التي فقدت معيلها، ومن دمر منزله، ومن تعرض للتعذيب في المعتقلات، والإخفاء القسري والإبادة. وأشار إلى أن جبر الضرر قد يكون جماعيًا أو فرديًا، ماديًا أو معنويًا، وأن الهيئة ستنشئ صندوقًا لجبر الضرر لتعويض الضحايا، مما يتطلب مجهودًا دوليًا نظرًا لحجم الأضرار التي لحقت بالسوريين. وأكد على أهمية مساندة الضحايا نفسيًا واجتماعيًا، وإعادة إدماجهم في المجتمع.
وأشار إلى وجود هيئات دولية ومنظمات مجتمع مدني وثقت الكثير من الضحايا والمتضررين، وهي مستعدة لتقديم معلوماتها للهيئة للعمل على تعويضهم ماديًا ومعنويًا.
وأوضح أن الهيئة لا علاقة لها بأحداث الساحل والسويداء، حيث أنها تعنى بالانتهاكات والجرائم الجسيمة التي تسبب بها النظام السابق قبل تاريخ 8 كانون الأول 2024.
مرسوم بتشكيلها
أصدر الرئيس الشرع المرسوم رقم "20" لعام 2025، القاضي بتشكيل "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية"، استنادًا إلى أحكام الإعلان الدستوري والصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية. ونص المرسوم على تشكيل هيئة مستقلة تعنى بكشف الحقيقة حول الانتهاكات الجسيمة التي تسبب بها النظام السابق، ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها، وجبر الضرر الواقع على الضحايا، وترسيخ مبادئ عدم التكرار والمصالحة الوطنية. ومنح المرسوم الهيئة شخصية اعتبارية واستقلالًا ماليًا وإداريًا، وصلاحية ممارسة عملها في جميع أنحاء الأراضي السورية.