شهدت مدينة إدلب انطلاق فعاليات "أسواق إدلب 2025"، الحدث الذي يُعد من بين أكبر التجمعات الاقتصادية والاجتماعية في سوريا. تميزت الفعاليات بمشاركة واسعة من الشركات المحلية والعربية، بالإضافة إلى حضور ملحوظ من الزوار القادمين من مختلف المحافظات السورية ومن دول الاغتراب.
على الرغم من أن الحدث يحمل طابعًا تسويقيًا، إلا أن الجانب الوطني والتكافلي كان طاغيًا، حيث شكل مساحة للسوريين للتلاقي تحت مظلة الاقتصاد، والتواصل المباشر، في بيئة آمنة تعكس صورة إدلب بعد التحرير.
وصف إبراهيم الخليل، مسؤول الإحصاء والمعلومات في إدارة المهرجان، التجربة لمنصة سوريا 24 بأنها "فريدة بكل المقاييس"، مشيرًا إلى دهشة العديد من الشركات القادمة من محافظات أخرى بمستوى التنظيم والأمان. وأضاف: "بات بإمكان العارضين ترك بضائعهم في الأجنحة ليلاً دون مخاوف، وهذا مؤشر غير مسبوق في معارض من هذا النوع".
وفيما يتعلق بتفاعل الجمهور، أوضح الخليل أن نسبة الزائرين من خارج إدلب كانت متواضعة في اليوم الأول (8%)، لكنها ارتفعت في اليوم الثاني إلى 39%، مع مشاركة ملحوظة من المغتربين وعدد من الزوار الأجانب الذين أبدوا اهتمامًا برؤية إدلب على أرض الواقع.
من بين المشاركات الجديدة هذا العام، تطبيق "معك" الذي قدم خدماته للمرة الأولى بعد التحرير. وأوضح سعد دندل، مؤسس التطبيق، لمنصة سوريا 24 أن المشروع انطلق من إدلب في بيئة مختلفة تمامًا، ويقدم حاليًا خدمات التاكسي، النقل بين المدن، الشحن، وقريبًا توصيل الطعام. وأضاف: "رغم حرارة آب، إلا أن التنظيم جيد، ووصلنا إلى جمهورنا بسهولة. نعمل الآن في إدلب ودمشق، وسندخل حلب قريبًا".
وفي جناح آخر، تحدث عبد الرحمن أبو صالح، المدير العام لشركة "أبو الجود التجارية"، عن مشاركته للمرة السادسة على التوالي، مؤكدًا أن السوق شهد تحولًا كبيرًا بعد التحرير. وأضاف: "نحن وكلاء لعلامة تجارية تركية تغطي 65% من السوق التركي في مجال الشاشات. مشاركتنا هذا العام كانت الأقوى، والنتائج فاقت التوقعات. إدلب اليوم مركز تجاري آمن، وزمن الخوف انتهى".
وعلى أرض الواقع، عبر العديد من الزوار عن انطباعات إيجابية تجاه الفعالية. حسناء محمد، التي زارت إدلب للمرة الأولى، قالت: "تفاجأت بالترتيب والتنوع.. لم أكن أتوقع أن أجد مهرجانًا بهذا المستوى، شعرت أن الأمور تغيرت فعلًا". أما طه العمر، القادم من حلب، فاعتبر خلال حديثه لمنصة سوريا 24 أن الأسواق كانت أكثر من مجرد فرصة للتسوق، وأضاف: "الأهم أني التقيت بأصدقاء من مناطق مختلفة. شعرت أن إدلب أصبحت مكانًا يلمّ السوريين من جديد".
على الرغم من حرارة الطقس وبعض التحديات اللوجستية، يرى المنظمون أن المهرجان نجح في إيصال رسائل متعددة، أولها أن إدلب اليوم ليست فقط منطقة آمنة، بل بوابة اقتصادية لسوريا الجديدة، وثانيها أن الاقتصاد يمكن أن يكون جسرًا لإعادة بناء العلاقات الوطنية، في بلد أنهكته سنوات الحرب والانقسام.