الأحد, 10 أغسطس 2025 06:29 PM

سوريا: وعود بالإصلاحات الاقتصادية تصطدم بواقع التنفيذ المتعثر.. الرواتب والكهرباء وسويفت في الميزان

سوريا: وعود بالإصلاحات الاقتصادية تصطدم بواقع التنفيذ المتعثر.. الرواتب والكهرباء وسويفت في الميزان

منذ سقوط النظام السابق، تملك السوريون شعوراً بالتفاؤل إزاء سلسلة الإعلانات الحكومية، بدءاً من زيادة الرواتب بنسبة 400%، مروراً بوعود بتحسين ساعات وصل الكهرباء، وصولاً إلى الحديث عن استعادة التحويلات المالية عبر نظام سويفت. الحماس الذي صاحب إطلاق هذه الوعود اصطدم ببطء وتعقيد مسار التنفيذ على أرض الواقع.

سناك سوري-رحاب تامر

بدأت حكومة “محمد البشير” عملها بقرار زيادة الرواتب بنسبة 400%، على أن يبدأ التطبيق مع بداية عام 2025. موظفو القطاع العام انتظروا هذه الزيادة بأمل متجدد، معتبرين أن سقوط النظام السابق يفرض اختباراً حقيقياً للوعود الجديدة. ولكن، ماذا حدث؟

لاحقاً، أعلن وزير المالية في حكومة تسيير الأعمال، “محمد أبازيد”، تأجيل الزيادة إلى شهر شباط، مبرراً ذلك، في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الرسمية، بأن الحكومة فوجئت بأن أعداد العاملين المسجلين في الجهات العامة لدى مديريات التنمية الإدارية تفوق الأعداد الفعلية للموظفين الذين يداومون ويعملون.

لم تُصرف الزيادة في شهر شباط، ووسط صمت رسمي، أوضح مصدر أنه تم تأجيل الزيادة لتكون من مسؤولية الحكومة الانتقالية، التي تشكلت نهاية آذار الفائت. طال الانتظار حتى صدر مرسوم الزيادة بنسبة 200% في شهر حزيران، على أن يطبق منذ تموز، لكن الموظفين لم يقبضوا الزيادة حتى آب. ورغم التساؤلات عن أسباب التأخير، لم تقدم أي إجابات.

هكذا، تحول الإعلان المتحمس عن زيادة 400% إلى نصفها فقط، مع وعود من وزير المالية الحالي محمد يسر برنية بزيادات لاحقة.

ومن وعود زيادة الرواتب إلى وعود زيادة عدد ساعات التغذية الكهربائية، التي لا تقل أهمية. مرة أخرى، استقبل السوريون وعد وزير الكهرباء في حكومة تسيير الأعمال السابق، ““، بإيجابية، معتبرين أن الظروف الدولية تغيرت وهناك دعم كبير لحكومة ما بعد النظام السابق.

في شهر كانون الثاني السابق، قال “شقروق” إنهم يحتاجون إلى نحو شهرين لتوفير الكهرباء لمدة تتراوح بين 6 و8 ساعات يومياً. وأضاف “شقروق” في تصريحات نقلتها حينها، أنه لتوفير طيلة اليوم تحتاج سوريا إلى نحو 6500 ميغاوات، وقال: «على سوريا العودة لمستويات توليد الكهرباء ما قبل العام 2010 خلال ثلاثة سنوات من الآن».

وفقاً للتصريحات، كان من المفترض أن تزداد ساعات التغذية الكهربائية منذ منتصف آذار، لكن الوضع استمر على حاله، مع سيل وعود جديدة بقرب ضخ الكهرباء من سفن في البحر، إلى تفعيل خط الغاز العربي ونقل الكهرباء من الأردن، مروراً بتصريحات لنقل الكهرباء من تركيا.

استمر الحال على ما هو عليه حتى بداية تموز الجاري، حيث أُعلن عن خط لنقل الغاز من أذربيجان إلى سوريا، وقال المدير العام لنقل وتوزيع الكهرباء، ، إن الكهرباء ستأتي بمعدل 10 ساعات يومياً اعتباراً من يوم السبت 2 آب. لاحقاً لم تأت، بل أتى تصريح جديد من “أبو دي” قال فيه إنهم يحتاجون 6 أيام أخرى من الضخ التجريبي.

ومع ذلك لا جديد، ما يزال التقنين عند حدود نصف ساعة إلى ساعة كاملة كل 5 ساعات قطع.

كما هو الحال مع الرواتب والكهرباء، وجد السوريون في الحديث عن إعادة ربط البنوك السورية بنظام “سويفت” أملاً جديداً، فالخطوة، إن تحققت، يفترض أن تخفف تعقيدات إرسال الأموال، سواء للعاملين عن بُعد مع شركات عربية وأجنبية، أو للأسر التي تعتمد على تحويلات أبنائها المغتربين.

في منتصف حزيران الفائت، أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي، “عبد القادر حصرية”، أن سوريا أجرت دولي مباشر عبر نظام سويفت للمدفوعات الدولية منذ عام 2011، وأضاف في تصريحات نقلتها رويترز حينها أن أول معاملة تجارية كانت من بنك سوري إلى بنك إيطالي، وقال: “الباب مفتوح أمام المزيد”.

للأسف لم يلمس السوريون هذا “الجديد”، ورغم انتظار “ديمة” 34 عاماً مديرة تحرير في مدونة اقتصادية عربية، إتمام التحويلات بفارغ الصبر، إلا أنها لم تحدث، تقول الشابة لـ”سناك سوري”: «المدونة التي أعمل بها سعودية، وفي كل شهر يرسلون الراتب إلى حساب بنكي لقريبتي في الإمارات، والتي بدورها ترسلها لي عبر شركات الحوالات، وهذا يعني خسارة ما بين 10 إلى 15% من راتبي شهرياً أجور تحويلات».

تجربة الأشهر الأخيرة أظهرت أن المسافة بين الإعلان عن القرارات وتحقيق أثرها الفعلي ما زالت قائمة، سواء في الرواتب أو الكهرباء أو التحويلات المالية، ومع استمرار التحديات الفنية والإدارية، يبقى السؤال كيف يمكن تحويل هذا الزخم في إطلاق الوعود إلى خطوات عملية يشعر بها المواطن في حياته اليومية؟

مشاركة المقال: