الأحد, 10 أغسطس 2025 10:37 PM

الجمارك تزيد الضغط على تجارة "البالة" في إدلب: ارتفاع الأسعار يهدد مصدر رزق العائلات

الجمارك تزيد الضغط على تجارة "البالة" في إدلب: ارتفاع الأسعار يهدد مصدر رزق العائلات

تراجعت تجارة الألبسة الأوروبية المستعملة، المعروفة بـ"البالة"، في إدلب شمالي سوريا، بعد أن كانت ملاذًا لذوي الدخل المحدود ومصدر رزق للكثير من الأسر. يعود هذا التراجع إلى عدة أسباب، أبرزها ارتفاع التعرفة الجمركية التي فرضت مطلع العام الحالي بعد سقوط النظام السوري السابق.

فاتن الطه، أرملة وأم لأربعة أطفال من ريف إدلب، تعمل من منزلها في تحضير "المونة" وبيعها. كانت تشتري "الرصة"، وهي عبارة عن 40 كيلوغرامًا من الألبسة المستعملة، من تجار الألبسة المستعملة. لكنها أعربت عن معاناتها بعد فرض الرسوم الجمركية، حيث ارتفع سعر "الرصة" من 40 دولارًا أمريكيًا إلى ما بين 100 و125 دولارًا. وأشارت إلى انخفاض عدد زبائنها بسبب ارتفاع الأسعار، ما أدى إلى كساد البضاعة واضطرارها لبيع ما تبقى برأس المال أو أقل لتجنب الخسائر الكبيرة، ما دفعها للتوقف عن بيع "البالة" والاكتفاء ببيع "المونة".

عبد الملك العمر، تاجر ألبسة مستعملة في ريف إدلب، أوضح أن الرسوم الجمركية البالغة 4000 دولار للطن الواحد، أصبحت عبئًا إضافيًا، معتبرًا أن فرض هذه الرسوم يهدف إلى منع استيرادها في المستقبل، لتشجيع شراء المنتجات الوطنية ودعم الاقتصاد المحلي.

بعد جولة لـ عنب بلدي في أسواق وأحياء مدينة إدلب، تبين أن معظم محال بيع "البالة" قد أُغلق، بينما قرر البعض الآخر العمل بمنتجات أخرى. عثمان، أحد الباعة، عبّر عن الصعوبات التي واجهها في تأمين بضاعة مستعملة بأسعار مناسبة، ما دفعه لتأمين بضائع محلية من معامل في مدينة حلب بأسعار مقبولة تناسب قدرة زبائنه المادية.

يعتبر قرار إغلاق الأكشاك، أو ما يسمى بـ"البراكيات"، سببًا رئيسيًا لتراجع تجارة الألبسة المستعملة. كانت هذه الأكشاك منتشرة بكثرة قبل سقوط النظام، ولكن بعد قرار الإدارة المحلية إزالتها، بالإضافة إلى غلاء أسعار المستعمل، عزف كثيرون عن العمل بها.

مراد، صاحب أحد الأكشاك، استأجر محلًا واستبدل البضائع المستعملة ببيع "الإكسسوارات" والمنظفات والعطور المركبة، وهي منتجات لا تكسد ومطلوبة. ورغم صغر المحل ووقوعه في منطقة غير مكتظة، فإنه يدفع إيجارًا شهريًا قدره 150 دولارًا.

بعد إزالة "البراكيات"، كانت الأسواق الشعبية المتنقلة خيارًا مناسبًا لبائعي الألبسة المستعملة. لكن بعض البائعين يقومون بتصفية بضائعهم وبيعها بمرابح قليلة كي لا تكسد ويضطروا إلى بيعها كـ"بالة حرق"، وهي الألبسة التي يشتريها الأهالي بالكيلو لحرقها في فصل الشتاء، بسعر يتراوح بين 30 و40 ليرة تركية للكيلو.

ترتاد علياء نعمة سوق حيّها الشعبي لتشتري ألبسة مستعملة لأولادها وزوجها. وأوضحت أن "بسطات" الألبسة المستعملة لم تعد تلبي احتياجات الأسر الفقيرة بسبب انحسارها وقلة عددها. وبلغ سعر البنطال الرجالي بجودة متوسطة 125 ليرة تركية، والقميص 60 ليرة تركية، وألبسة الأطفال بين 50 و100 ليرة تركية.

بعد الصعوبات التي يواجهها العاملون بالألبسة المستعملة، قرروا البحث عن منتجات بديلة أو العودة إلى بلداتهم، خاصة مع ارتفاع الإيجارات وتدني المعيشة والدخل. ويصل معدل الرواتب للموظفين الحكوميين إلى 125 دولارًا، بينما يختلف أجر عمال القطاع الخاص. وشهدت مدينة إدلب ارتفاعًا في الإيجارات، إذ يصل إيجار بعض المنازل إلى 200 دولار.

مشاركة المقال: