الإثنين, 11 أغسطس 2025 01:09 AM

المكاتب السياحية في سوريا على شفير الهاوية: تحديات تهدد بالإغلاق رغم الإمكانات الواعدة

المكاتب السياحية في سوريا على شفير الهاوية: تحديات تهدد بالإغلاق رغم الإمكانات الواعدة

عنب بلدي – لمى دياب: تواجه المكاتب السياحية في سوريا صعوبات جمة، بالرغم من المقومات السياحية الكبيرة التي تتمتع بها البلاد، من مواقع أثرية وتنوع جغرافي جاذب. وقد عبر أصحاب مكاتب سياحية، في لقاءات مع عنب بلدي، عن استيائهم من عدم تقديم الجهات المعنية الدعم اللازم، مع التزامهم بالشروط التي تفرض توظيف كوادر مؤهلة للحصول على الترخيص ومزاولة المهنة.

منذ عام 2011، ومع توقف عمل العديد من السفارات، خاصة العربية، وتراجع السياحة الدينية، تسعى الحكومة الحالية إلى تنشيط القطاع السياحي. إلا أن العديد من مكاتب السياحة والسفر فقدت القدرة على الاستمرار، بانتظار تحسن الأوضاع وعودة السياح.

اعتمدت معظم مكاتب السياحة والسفر في سوريا، خلال الفترة التي أعقبت اندلاع الثورة عام 2011، على فرص محدودة، مثل تنظيم رحلات إلى دول الجوار، وتسهيل انتقال الأفراد لإجراء المقابلات وتسيير المعاملات في السفارات العربية والأجنبية.

لا ضوابط

تحولت مكاتب السياحة إلى "واجهات فارغة"، بعد أن كانت مصدر رزق للعديد من العائلات، بحسب مديرة أحد المكاتب السياحية في دمشق، سلوى النشار. وأشارت النشار إلى أن الوزارة تلزم المكاتب بتوظيف كوادر متخصصة ودفع رواتبهم وتسجيلهم في التأمينات الاجتماعية، في المقابل لا توجد خطة واضحة لإنعاش السياحة، ما يتسبب بخسائر فادحة لأصحاب المكاتب، ويجعل خيار الإغلاق أمرًا لا مفر منه لكثيرين.

وأضافت أن المكاتب السياحية خسرت دورها في موسم الحج بعد أن أخذته وزارة الأوقاف، الأمر الذي فاقم الخسائر وأخرج المكاتب من دورها في القطاع السياحي.

يشهد القطاع السياحي حالة من الفوضى وغياب الضوابط، ما يؤدي إلى ضياع حقوق المكاتب السياحية وفقدانها القدرة على الاستمرار وتحقيق الدخل. إذ يتم تنظيم الرحلات الداخلية عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" من قبل مجموعات غير مرخصة، ما يحرم المكاتب المرخصة من فرصتها في السوق، بحسب مديرة أحد المكاتب السياحية بدمشق، والتي فضلت عدم الكشف عن اسمها تجنبًا لأي ضرر قد يلحق بنشاط مكتبها.

وتابعت لعنب بلدي، أن الرحلات الخارجية أيضًا تنظم عبر اتصال مباشر بين المكاتب الأجنبية والفنادق والمنتجعات، دون التنسيق مع المكاتب المحلية، ما يزيد من الخسائر. وطالبت بإنشاء "منصة حكومية لتسهيل التنسيق بين المكاتب المحلية والدولية".

وذكرت أن المكاتب خسرت أيضًا فرصة العمل في موسم الحج بسبب استئثار الحكومة بهذا الملف، ما ألحق خسائر كبيرة بالمكاتب.

"السياحة" ترد

معاون وزير السياحة، فرج القشقوش، أوضح لعنب بلدي، أنه في إطار عمل وزارة السياحة لرفع مستوى المنتج السياحي وضبط جودة الخدمات المقدمة في المواقع السياحية، بما في ذلك تنظيم الرحلات السياحية، تلزم الوزارة العاملين في هذا المجال بالحصول على ترخيص سياحي لمؤسسة تنظيم الرحلات السياحية لضمان حقوق المواطن والسائح في حال حدوث تجاوزات. ويتم العمل على ضبط المكاتب غير المرخصة وإغلاقها لحين تسوية أوضاعها.

وبخصوص المجموعات غير المرخصة التي تعمل على وسائل التواصل الاجتماعي، يتم رصد عملها بالتنسيق مع وزارة الداخلية، باعتبارها مخالفة لقانون العقوبات العام الذي ينص على أن كل مهنة تحتاج إلى ترخيص. وتدعو الوزارة المواطنين إلى اختيار المكاتب المرخصة للاستفادة من الرحلات السياحية، لضمان الخبرة والالتزام بالجودة وحماية حقوقهم، وفقًا للقشقوش.

وأشار إلى أن الوزارة تعمل بالتنسيق مع إدارة الهجرة والجوازات بوزارة الداخلية لتفعيل منصة الحصول على سمة الدخول للقدوم السياحي عن طريق مؤسسات السياحة والسفر، مضيفًا أن "القدوم من خلال مكتب سياحي يضمن تحقيق تجربة جيدة للسائح خلال زيارته، وجودة الخدمات المقدمة له المرتبطة بحجز فندقي ودليل سياحي".

وأكد أن الاعتماد على خدمات المكاتب السياحية "يترك انطباعًا إيجابيًا" لدى السائح، "ما يؤثر على سمعة سوريا كوجهة سياحية مميزة".

فرص استثمارية فندقية

أشار القشقوش إلى أن حجز الفنادق بشكل مباشر من قبل السائح هو أمر طبيعي في كل دول العالم، إلا أن الأسعار التفضيلية التي تعطى للمكاتب تكون عادة أداة تسويقية بيد المكاتب التي تستطيع أن تعطي جزءًا من هذه النسبة للزبون، فيكون سعر الحجز عن طريق المكتب أفضل من الحجز المباشر، ويرتبط ذلك بزيادة الاستثمارات السياحية وتوفير الغرف الفندقية التي تحقق المنافسة.

وتعمل وزارة السياحة على طرح فرص استثمارية فندقية جديدة وإعادة تأهيل المنشآت القائمة، مبينًا أن "مكاتب السياحة والسفر حول العالم تلجأ لشراء عدد كبير من الليالي في فندق ما والحصول على سعر عالي التنافسية، وبالتالي إمكانية تقديم السعر الأفضل للزبون مقارنة بالحجز المباشر الذي يقوم به، ويحتاج هذا الأمر إلى تشبيك تجاري بين مكاتب السياحة والسفر وأيضًا وفرة الغرف الفندقية"، وفق القشقوش.

وبخصوص موسم الحج والعمرة، أوضح القشقوش أنه يتم التنسيق بين وزارتي السياحة والأوقاف لتأطير العمل في تنظيم رحلات العمرة التي تقوم بها المكاتب السياحية المرخصة لهذا الغرض، كما يتم تنسيق العمل فيما يخص موسم الحج المقبل، لا سيما أن المكاتب السياحية المرخصة لديها إمكانية الوصول إلى نظم حجز الطيران والفنادق العالمية، وتوفير الخدمات بجودة عالية.

منصة للتعرّف إلى المكاتب السياحية

أوضح القشقوش أن الوزارة تعمل على إنشاء منصة على موقعها تمكّن المواطن والسائح من التعرف إلى المكاتب المرخصة، والتواصل معها للوصول إلى أفضل خيار ممكن من الرحلات السياحية، بحيث يكون الخيار واسعًا ويضمن تناسب الخدمة مع الأسعار.

وفي ظل رفع العقوبات عن سوريا، يبرز تحدي التنافسية العالمية، ومنصات الحجوزات الفندقية العالمية، وهناك فرص استثمارية كبيرة في ترخيص مؤسسة حجوزات فندقية في سوريا تقدم منصات (أونلاين)، تضمن من خلال وجودها في سوريا من الناحية التشغيلية العلاقة الصحيحة مع منشآت الإقامة (الفنادق)، وأي منصة تحتاج لكادر تشغيلي في سوريا تتطلب بالضرورة الترخيص من وزارة السياحة، وفق القشقوش.

وتسعى الوزارة لضبط آلية الترخيص، وتسهيل الإجراءات، وضمان كفاءة مقدم الخدمة (صاحب الترخيص وكادر المكتب)، ومراقبة العمل بشكل مستمر للتأكد من جودة الخدمات السياحية المقدمة، كما يتم تلقي الشكاوى ومتابعتها للوقوف بشكل دقيق على عمل المكتب.

السياحة رافد اقتصادي

أكد القشقوش أن السياحة من أهم القطاعات التي تدعم الاقتصاد السوري من خلال جذبها للاستثمارات التي توفر القطع الأجنبي وتولد فرص العمل، وبالتالي المساهمة في الناتج المحلي.

وأسهم القطاع السياحي في عام 2009-2010 بنحو 12-14% منه، وتعمل الوزارة ضمن خططها للمرحلة المقبلة على رفع المساهمة لنسب كبيرة جدًا من خلال تدفق الاستثمارات وعودة القدوم السياحي إلى سوريا والإنفاق، لا سيما بعد رفع العقوبات الاقتصادية، وعودة عدد كبير من شركات الطيران العربية والعالمية إلى الأجواء والمطارات السورية، وفق القشقوش.

وذكر أن جودة الخدمات المقدمة في القطاع السياحي تعكس الصورة الصحيحة لسوريا كبلد سياحي يستعيد مكانته على خارطة السياحة العالمية بشكل يليق بحضارتها.

وأضاف أن وزارة السياحة تولي موضوع جودة الخدمات المقدمة اهتمامًا كبيرًا من خلال رفد سوق العمل السياحي بالكادر المدرب والمؤهل المتخصص، ووضع آليات عمل للمنشآت السياحية ومتابعة تنفيذها، واتخاذ الإجراءات الرادعة بحق المخالفين بالتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية، كما تشارك بالخبرات والاختصاصات وصولًا لأفضل تجربة تقدم للسائح بما يسهم في زيادة القدوم السياحي.

ويكمن دور الوزارة في تشديد الرقابة على العمل دون ترخيص، وتسهيل إجراءات الحصول على التراخيص أصولًا، بهدف تقديم الخدمة الصحيحة للمواطن والسائح، والمكتب المرخص ستكون له الفرصة في العمل ضمن مظلة القانون وتقديم الخدمات الجيدة وتحقيق العوائد المناسبة، لا سيما أن سوريا تستعيد وبشكل متسارع مكانتها كمقصد سياحي متميز تتنوع فيه المقومات السياحية الطبيعية والأثرية، بحسب القشقوش.

خطة لتطوير السياحة الداخلية والخارجية

في 20 من حزيران الماضي، وضعت وزارة السياحة السورية خطة لتطوير السياحة الداخلية والخارجية، من خلال تعزيز تنوعها، سواء كانت سياحة، ثقافية، صحية وعلاجية، بيئية، أو سياحة المؤتمرات.

وتضمنت الخطة تحسين البنية التحتية والخدمات المقدمة للزوار، للإسهام في تطوير السياحة الداخلية والخارجية، وتشجيع القدوم السياحي إلى سوريا، وخاصة في الموسم الصيفي.

مشاركة المقال: