الخميس, 14 أغسطس 2025 05:20 PM

تقرير يكشف: اتساع الفجوة الاقتصادية يهدد الاستقرار الاجتماعي ويؤجج الضائقة المعيشية

تقرير يكشف: اتساع الفجوة الاقتصادية يهدد الاستقرار الاجتماعي ويؤجج الضائقة المعيشية

دقّت تقارير اقتصادية دولية ناقوس الخطر، مشيرة إلى اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء هذا العام، مسجلة أعلى مستوى لها منذ عام 1999. هذا التزايد في الضغوط المالية يعكس عمق التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة.

أوضح خبير الأسواق المالية الدكتور زياد الغزالي في تصريح لوكالات أن أسباب اتساع الفجوة تعود إلى تأثير التضخم القوي على الشرائح الفقيرة، وتباطؤ نمو الأجور للفئات الدنيا مقارنة بارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى هشاشة الأعمال الحرة، وانحصار الثروة والعوائد الاستثمارية لدى الشريحة العليا التي تمتلك العقارات والأسهم ورؤوس الأموال. كما أشار إلى دور السياسات الضريبية والأتمتة التي ألغت العديد من الوظائف ذات المهارات البسيطة.

ووفقًا لتصريحات الغزالي، يؤدي اتساع الفجوة الاقتصادية إلى ارتفاع معدلات الفقر وصعوبة تلبية الأسر لاحتياجاتها الأساسية، ويعزز الاعتماد على بنوك الطعام والمساعدات المجتمعية. كما يتسبب في تآكل الطبقة الوسطى وزيادة التوترات النفسية وارتفاع حالات القلق والاكتئاب والانتحار في المجتمعات الفقيرة، إلى جانب ضعف تكافؤ الفرص وتراجع الثقة في المؤسسات والدولة. وأضاف الغزالي أن استمرار التفاوت الاقتصادي يهدد القيم الأساسية التي يقوم عليها المجتمع.

سبل الحد من الفجوة الاقتصادية

اقترح الغزالي مجموعة من الإجراءات لمعالجة الأزمة، وتشمل:

  • إصلاح النظام الضريبي ليصبح أكثر عدالة عبر زيادة الضرائب التصاعدية على الدخول العالية والأرباح الرأسمالية.
  • فرض ضرائب على الثروات الكبيرة والممتلكات الضخمة، مع مكافحة التهرب الضريبي.
  • دعم الفئات الضعيفة والأسر منخفضة الدخل من خلال برامج مساعدة مباشرة.
  • دعم فواتير الغذاء والطاقة عبر برامج مؤقتة مرتبطة بمستوى دخل الفرد.
  • الاستثمار في السكن الميسور من خلال بناء وحدات بأسعار مناسبة وتمويل برامج الإيجار المدعوم.
  • تحفيز الاقتصاد المحلي وتقليل الاعتماد على التجارة الخارجية.
  • رفع الحد الأدنى للأجور بما يتناسب مع تكاليف المعيشة ومعدلات التضخم لتحسين مستوى المعيشة.

تحدٍ اجتماعي واقتصادي حاسم

إن فجوة الدخل في العديد من الدول ليست مجرد قضية اقتصادية، بل هي أزمة اجتماعية تهدد تماسك المجتمع واستدامة النمو الاقتصادي. وإذا استمرت هذه الفجوة في الاتساع دون تدخل حكومي فعّال وإصلاحات عاجلة بمشاركة جميع المقاطعات، فقد تواجه البلاد مستقبلا تتزايد فيه التوترات الاجتماعية، وتتراجع فيه القدرة التنافسية للشركات والمؤسسات الصغيرة. أما إذا ما تم تبني سياسات مدروسة فبإمكان تلك الدول أن تتجاوز هذه الأزمة وتشق طريقها نحو اقتصاد أكثر عدالة وتوازنا.

الفجوة عند مستوى قياسي

أوضحت هيئة الإحصاء في كندا على سبيل المثال في تقرير صدر في تموز الماضي أن الفارق في حصة الدخل المتاح بين أعلى 40% من الأسر وأدنى 40% منها ارتفع إلى 49 نقطة مئوية في الربع الأول من العام الجاري، وهو المستوى الأعلى على الإطلاق، متجاوزا الرقم القياسي المسجل خلال جائحة كورونا والبالغ 43.9%. وكشف التقرير أن 20% من الأسر الأكثر ثراء تستحوذ على 64.7% من إجمالي صافي الثروة في البلاد، بمتوسط (2.39 مليون دولار أميركي) لكل أسرة، في حين لم تتجاوز حصة 40% من الأسر الأقل دخلا نسبة 3.3% فقط من صافي الثروة، بمتوسط (62 ألف دولار أميركي) لكل أسرة. كما سجلت الأسر في الشريحة الدنيا من توزيع الدخل (أدنى 20%) أضعف نمو في الدخل المتاح خلال الربع الأول من 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي (+3.2%)، وكانت المجموعة الوحيدة التي شهدت انخفاضا في متوسط الأجور بنسبة (-0.7%). وأرجعت هيئة الإحصاء ذلك إلى تراجع ساعات العمل وضعف أوضاع سوق العمل.

جرس إنذار لخطر وشيك

إن حالة عدم اليقين الاقتصادي الراهنة تؤجج الضائقة المعيشية، خاصة بين فئة الشباب الباحثين عن عمل. وأوضحت سكوت في تصريحات نشرها موقع “راديو سي بي سي” أن “الكثير من الأفراد في الطرف الأعلى من سلّم الدخل لم يشهدوا أي تراجع في دخولهم خلال جائحة كورونا، بل ظل العديد منهم في وظائفهم، والأهم أنهم كانوا في وضع يمكّنهم من الاستفادة من القفزة الكبيرة التي شهدتها أسواق الاستثمار آنذاك، والتي استمرت في الارتفاع منذ ذلك الحين”. واعتبرت سكوت أن اتساع فجوة الدخل “هو الأكبر على الإطلاق”، مؤكدة أن “هذا جرس إنذار ينذر بخطر لا يمكن تحمّله، ويستدعي الاهتمام بتنمية الاقتصاد وتوزيع موارده بشكل عادل، لتمكين المواطنين من عيش حياة كريمة ذات جودة عالية”، مضيفة “أعتقد أن هذا الهدف بالغ الأهمية في السياسات العامة، لكنه يبدو غائبا عن النقاشات الحالية”. اخبار سورية الوطن 2_وكالات ـالحرية

مشاركة المقال: