السبت, 16 أغسطس 2025 11:59 PM

استثمارات واعدة في سوريا: مذكرات التفاهم بين الطموح والتنفيذ

استثمارات واعدة في سوريا: مذكرات التفاهم بين الطموح والتنفيذ

بعد أربعة عشر عامًا من التحديات، تلوح في الأفق بوادر إيجابية في سوريا مع الإعلان عن مذكرات تفاهم استثمارية تتجاوز قيمتها 20 مليار دولار بحلول عام 2025. يأتي هذا التطور بعد رفع العقوبات الأمريكية في أيار 2025، مما يفسح المجال لعودة الشركات الدولية إلى السوق السورية.

هذا الاهتمام من الشركات الدولية، بعد سنوات من العزلة الاقتصادية، يعكس ثقة متزايدة في إمكانات التعافي الاقتصادي. على الرغم من أن نسبة تحويل مذكرات التفاهم إلى اتفاقيات ملزمة تتراوح بين 20-30% في حالات انتقالية مثل سوريا، فإن هذا يعني استثمارات محتملة بقيمة 4-6 مليارات دولار.

الأهم من ذلك، تبعث هذه المذكرات برسالة إيجابية مفادها أن سوريا تعود تدريجيًا إلى الخريطة الاستثمارية العالمية، وأن المجتمع الدولي يبدي استعداده للمشاركة في إعادة البناء الاقتصادي.

عودة الثقة الدولية

يبرز الدعم الغربي لمذكرات التفاهم الموقعة في 2025، والذي تجسد في حضور المبعوث الأمريكي الخاص توماس باراك لمراسم توقيع مذكرة التفاهم الكبرى في قطاع الطاقة بقيمة 7 مليارات دولار، وحضوره أيضًا خلال مراسم توقيع استثمارات قطرية وإماراتية في البنية التحتية السورية. هذا الحضور يعكس دعم الإدارة الأمريكية للاستثمارات في سوريا وثقتها في التعافي الاقتصادي.

تمثل مذكرات التفاهم خطوة أولى ضرورية في بناء الثقة بين المستثمرين والحكومة السورية، حيث تتيح استكشاف إمكانيات التعاون وتقييم الجدوى الاقتصادية والفنية للمشاريع. في السياق السوري، تمثل هذه المذكرات عودة الثقة الدولية بعد سنوات من العزلة، وتوفر للشركات وقتًا لتقييم البيئة الاستثمارية الجديدة دون الالتزام بمخاطر مالية فورية. وتستخدمها الحكومة لإرسال رسائل إيجابية حول الانفتاح الاقتصادي.

مذكرات التفاهم: من الطاقة إلى البنية التحتية

يكشف التسلسل التاريخي لتوقيع مذكرات التفاهم عن استراتيجية مدروسة تبدأ بدعم قطاع الطاقة، ثم تطوير المنطقة الصناعية في عدرا، وتطوير البنية التحتية لمطار دمشق، وإنشاء مترو في العاصمة، ومشاريع سكنية أخرى. هذا يعكس فهمًا للتحديات الهيكلية التي تواجه الاقتصاد السوري.

البدء بقطاع الطاقة يمثل حجر الأساس للانطلاق في بناء اقتصاد دمرته الحرب. ومع ذلك، يثير هذا التدرج تساؤلات حول التنسيق بين المشاريع المختلفة وضمان التكامل بينها.

التحديات: واقع يجب مواجهته بحكمة

هناك تحديات حقيقية تواجه تحويل مذكرات التفاهم إلى استثمارات فعلية، مثل النظام المصرفي السوري المتهالك، وهجرة الكوادر المتخصصة، وضعف الحوكمة. العلاقة بين هيئة الاستثمار ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية تثير تساؤلات حول وضوح آليات صنع القرار والحوكمة المؤسسية.

المستثمرون الدوليون قد يجدون صعوبة في فهم من هو المخول باتخاذ القرارات النهائية، كما أن عدم وجود آليات شفافة لتقييم المشاريع يثير تساؤلات حول عدالة التعامل مع المستثمرين.

معايير اختيار الشركات: تساؤلات حول الشفافية والكفاءة

تثير عملية اختيار الشركات الموقعة على مذكرات التفاهم تساؤلات حول المعايير المستخدمة. مثال على ذلك مذكرة التفاهم مع الشركة الإيطالية لتطوير مشروع “أبراج دمشق”. هل تمتلك هذه الشركة الخبرة الكافية لتنفيذ مشروع بهذا الحجم والتعقيد؟

فشل مشروع واحد كبير يمكن أن يضر بسمعة البيئة الاستثمارية السورية. الحاجة ملحة لتطوير معايير واضحة لتقييم الشركات المتقدمة للمشاريع الاستثمارية.

تفاؤل مبرر بالمستقبل

تمثل مذكرات التفاهم الموقعة في 2025 بداية مرحلة جديدة في تاريخ الاقتصاد السوري وعودة تدريجية للثقة الدولية. النجاح في تحويل هذه المذكرات إلى استثمارات فعلية سيكون له تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد والمجتمع.

التفاؤل مبرر، لكنه يجب أن يقترن بالعمل الجاد والمثابرة. مذكرات التفاهم هي البداية، والمستقبل يعتمد على قدرة جميع الأطراف المعنية على تحويل هذه النوايا الطيبة إلى واقع ملموس.

مشاركة المقال: