دلسوز يوسف – الحسكة
يجلس محمد علي في نقطة الهلال الأحمر الكردي بمخيم واشوكاني للنازحين غرب الحسكة، منتظراً دوره لعلاج طفله الذي يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة. يقول علي (53 عاماً) بينما يتصبب العرق من جبينه: "عندما تنقطع الكهرباء، تتحول الحياة داخل الخيام إلى جحيم بسبب الحرارة، ما يؤدي إلى انتشار الأمراض، خاصة بين الأطفال".
"خيامنا كالأفران"
يشهد المخيم، الذي يضم آلاف النازحين من سري كانيه/ رأس العين، ظروفاً صعبة مع وصول درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية في صيف هو الأشد قيظاً، مما يزيد من معاناة العائلات ويرفع من خطر الإصابة بالأمراض. وتتفاقم هذه المعاناة بسبب انقطاعات الكهرباء، وانتشار النفايات، والمياه غير النظيفة، مما يخلق بيئة مثالية لانتشار الأوبئة، بحسب شهادات النازحين. ويشير علي بصوت متعب: "غياب الكهرباء يحول الخيام إلى أفران، والأطفال هم أول من يدفع الثمن". ويضيف: "النفايات المتناثرة بين الخيام تزيد من انتشار الأمراض، بينما تحذر الفرق الطبية من الكوليرا الناتجة عن المياه الملوثة والمأكولات المكشوفة".
وعلى بعد خطوات، تقف عائشة الحسين أمام نافذة تسجيل المرضى، حاملة بطاقة طفلها الذي ظهرت على ظهره حبوب وارتفعت حرارته ليلة أمس. تقول الحسين: "عند انقطاع الكهرباء وقت الظهيرة، نشعر وكأننا نجلس في الصحراء... الظروف المعيشية صعبة جداً". وتضيف: "المياه التي تصلنا مليئة بالكلور وطعمها مرّ، ولم نعد نعرف مصدر الأمراض التي تتزايد يوماً بعد يوم... نحن نخشى الأسوأ".
مئات المرضى شهرياً
يلجأ قاطنو المخيم إلى نقطة الهلال الأحمر الكردي، التي تُعد الجهة الوحيدة لتقديم الرعاية الصحية، وتضم عدة أقسام مثل: الأطفال، النسائية، الإسعاف، بالإضافة إلى قسم التثقيف الصحي الذي ينظم جلسات توعية للنازحين للوقاية من الأمراض. ويقول ماجد عبد القادر، الإداري في النقطة الطبية، إن المركز يستقبل يومياً نحو 10 حالات إسهال، و15 حالة إصابة بانتانات فيروسية، و5 حالات حساسية جلدية، بمعدل 400 حالة شهرياً. ويؤكد عبد القادر: "الحر الشديد هذا العام ضاعف أعداد المرضى، فالسكن في الخيام وسط هذه الحرارة بيئة مثالية لانتشار الأمراض". ويوضح أنهم يعملون جاهدين على تقديم الرعاية الطبية للنازحين بأفضل صورة ممكنة، إلا أن الظروف المناخية والبنية الهشة للمخيم تؤثر في انتشار الأمراض.
تحسين الظروف المعيشية
بينما تترقب أعين النازحين أي تفاهمات سياسية قد تفضي إلى عودتهم إلى ديارهم والانتهاء من حياة الخيام التي أنهكتهم، يعيش هؤلاء في ظروف معيشية صعبة. وتشير خديجة سليمان، أثناء انتظار دورها لمعاينة طفلها، إلى أن الحر الشديد والمياه غير النظيفة ساهما في انتشار الأمراض بين سكان المخيم. وتشدد خلال حديثها على أن "أغلب الأمراض تصيب الأطفال، مثل الإسهال والجفاف والتهاب السحايا، نتيجة اللعب تحت الشمس". وتضيف: "داخل خيامنا كأنها نار، حيث ننتظر حتى الظهيرة لتأتي الكهرباء، ونتمنى تحسين النظافة والمياه... لقد صرت أخشى على حياة أطفالي".
تحرير: معاذ الحمد