الأحد, 12 أكتوبر 2025 11:19 AM

معاناة مضاعفة: الشتاء يفاقم أزمة الخيام المهترئة في مخيم واشوكاني بالحسكة

معاناة مضاعفة: الشتاء يفاقم أزمة الخيام المهترئة في مخيم واشوكاني بالحسكة

سامر ياسين – الحسكة

في مخيم “واشوكاني” للنازحين بريف الحسكة الشمالي، تتجسد مأساة آلاف النازحين في صورة الخيام الممزقة والبالية، حيث يعيشون ظروفاً قاسية منذ سبع سنوات. ومع حلول فصل الشتاء، تتفاقم هذه المعاناة بشكل ملحوظ.

يؤوي المخيم حوالي 17 ألف شخص، موزعين على نحو 2400 عائلة، ولم يشهد أي تحسينات جوهرية منذ نزوحهم عام 2019، عقب سيطرة فصائل “الجيش الوطني” المدعومة من تركيا على مدينة سري كانيه (رأس العين) وريفها، خلال عملية “نبع السلام”.

خيام متصدعة وحياة قاسية

يصف النازحون الحياة داخل الخيام بالصعبة للغاية. ويقول إبراهيم داوود، وهو نازح منذ عام 2019، لنورث برس: "إن الجلوس خارج الخيمة أهون من داخلها. كل ما نتمناه هو العودة إلى ديارنا. لقد أصيب البعض بجلطات قلبية بسبب الوعود المتكررة بالعودة، والتي لم تتحقق".

ويضيف داوود: "الخيام ممزقة تماماً، والوحل يغطي أرضيتها، مما يجعل العودة إليها بعد كل عاصفة مهمة شاقة، فنحن مضطرون لغسلها بالكامل. وعندما تهب العواصف، نضطر للخروج خوفاً من سقوط الخيمة علينا، ثم نعود إليها بعد انتهائها. حياتنا مهددة داخل هذه الخيام، فهي لا تقينا إلا من المطر، أما البرد فنحن نعانيه بشدة". ويؤكد أن "الوضع في هذا المخيم أسوأ من أي مخيم آخر، فالخيام جميعها تقريباً ممزقة ولم يطرأ عليها أي تغيير منذ سنوات".

من جانبه، يشدد شريف صالح، وهو نازح من قرية المناجير بريف سري كانيه، في حديثه لنورث برس، على أن المخيم بأكمله يطالب بتغيير الخيام، مشيراً إلى أنهم "نزحوا عام 2019، ومنذ ذلك الحين يقيمون في هذه الخيام للسنة السابعة على التوالي دون أي تجديد، وقد أصبحت ممزقة وغير صالحة للسكن سواء في الصيف أو الشتاء". ويؤكد أن "المطالبة بالعودة إلى قراهم الأصلية، أو تغيير الخيام وتحسينها، أصبحت ضرورة ملحة، خاصة بالنسبة لعائلته التي تتكون من 13 فرداً".

أما ملكة محمود، وهي نازحة خمسينية ومريضة بالسرطان، فتقول إنهم "يضطرون لتغيير أماكن النوم والفرش فور هطول الأمطار وتسرب المياه إلى الخيمة. الوضع في الشتاء صعب للغاية، أوحال وأمطار، ونضطر للخروج من الخيمة بسبب تمزقها واهترائها". وتضيف لنورث برس أن الخيام "لم تتغير منذ سبع سنوات، وأن محاولة دعمها بالنايلون العام الماضي لم تنجح، ونحن بحاجة ماسة لتغيير الخيام أو تحسينها لتصبح صالحة للعيش في الشتاء القارس. استمرار الوضع على ما هو عليه يجعل الحياة شبه مستحيلة، خاصة للمرضى وكبار السن".

النازحون يطالبون بالعودة أو تحسين المأوى

من جهته، يوضح يوسف داوي، الرئيس المشارك لمخيم واشوكاني، أن "أكثر من نصف الخيام بحاجة إلى تغيير فوري. يقطن المخيم حوالي 17400 شخص في نحو 2430 خيمة، ووفقاً للقوانين الدولية، يجب تغيير الخيمة مرة كل عام، ولكن هذه هي السنة السادسة دون تغيير أي خيمة في المخيم".

ويضيف داوي لنورث برس: "تواصلنا مع جميع الجهات المعنية، بما في ذلك المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمات مثل 'أكتد' واليونيسيف، ولكن دون أي استجابة لتغيير الخيام. جميع السكان يرغبون في العودة إلى منازلهم وقراهم في سري كانيه وريفها".

ويحذر داوي من أن أي تأخير في تغيير الخيام مع دخول فصل الشتاء سيكون "كارثة حقيقية" على سكان المخيم، مع تزايد المعاناة الإنسانية لديهم.

يذكر أن مخيم واشوكاني قد أُنشئ في أواخر عام 2019 من قبل الإدارة الذاتية لاستيعاب نازحي مدينة سري كانيه (رأس العين) بعد الهجوم التركي على المدينة. ويواجه المخيم، الذي يقطنه نحو 17 ألف شخص، تحديات كبيرة في التمويل والدعم، حيث تعتمد الإدارة الذاتية بشكل رئيسي على مساعدات المنظمات غير الحكومية.

وفي بداية عام 2023، اعترفت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالمخيم كمخيم رسمي، إلا أن الدعم المقدم لا يكفي لاستبدال الخيام المهترئة أو تقديم الخدمات الأساسية بشكل كامل. وتعتمد الخدمات المتوفرة حالياً إلى حد كبير على الإدارة الذاتية المحلية، في حين لا توجد جهات حكومية رسمية تقدم خدمات كاملة أو تتولى بشكل مباشر تجهيز المخيم أو استبدال الخيام.

كما واجه المخيم فترة طويلة من التجاهل من بعض المنظمات الدولية والهيئات الأممية نتيجة تصنيفه كـ"غير رسمي"، مع وعود محدودة باستبدال أو ترميم الخيام في المستقبل، غالباً ما لا تُنفذ بسبب نقص التمويل.

تحرير: معاذ الحمد

مشاركة المقال: