السبت, 23 أغسطس 2025 10:44 PM

تزايد السرقات في حلب يثير قلق السكان وسط مطالبات بتعزيز الأمن

تزايد السرقات في حلب يثير قلق السكان وسط مطالبات بتعزيز الأمن

بعد خروجه من "البنك الإسلامي" في حي المحافظة بدقائق، تعرض مأمون سواس لاعتداء من ثلاثة شبان بينما كان يضع مبلغ خمسة ملايين ليرة (حوالي 500 دولار) في سيارته. وذكر مأمون (45 عامًا) لعنب بلدي أنه تلقى ضربة قوية على رأسه في منتصف يوم الثلاثاء 19 آب، مما أفقده الوعي لأكثر من أربع ساعات، بينما فر المعتدون ومعهم المبلغ. وأضاف أن زوجته كانت في السيارة وشاهدت الحادثة لكنها لم تتمكن من فعل شيء بسبب الخوف.

شهدت أحياء مدينة حلب خلال الأسبوع الماضي ارتفاعًا في معدل السرقات التي استهدفت المواطنين وأصحاب المصالح، وتكررت الحوادث أثناء حمل مبالغ مالية كبيرة أو مقتنيات ثمينة، حيث استخدم المعتدون الدراجات النارية للفرار بسرعة. ووفقًا لرصد عنب بلدي، توزعت الحالات على أحياء مختلفة مثل المحافظة، الجميلية، الصاخور، والموكامبو. وتعرض الأفراد للسرقة في ساعات الصباح الباكر أو بعد منتصف الليل، وأحيانًا مع اعتداء جسدي مباشر.

سيناريو مشابه

لم تكن حادثة مأمون الوحيدة، ففي صباح اليوم التالي، تعرض حسن عبد الرحمن في حي الجميلية بالقرب من ألبان "الصقال" لسرقة حقيبة كانت تحتوي على نحو ثلاثة ملايين ليرة من قبل شخصين يستقلان دراجة نارية. كما تعرض رضا الضاهر (18 عامًا)، وهو شاب من حي الصاخور يعمل في مقهى بالقرب من قلعة حلب، لسرقة مماثلة فجر الأربعاء في شارع الوكالات بعد انتهاء عمله. وذكر أن ثلاثة أشخاص أوقفوه وسرقوا حقيبته التي كانت تحوي هاتفه وبطاقته الشخصية، قبل أن يعثر على الأخيرة لاحقًا في حي الشعار. ووصف الوضع بأنه "مخيف"، مشيرًا إلى أن المدينة فقدت الإحساس بالأمان، خاصة مع انتشار الدراجات النارية التي يستخدمها اللصوص للفرار بسرعة في الأزقة والشوارع المزدحمة.

وبالمثل، تعرض عصام حلاق (33 عامًا) لسرقة حقيبة تحتوي على نحو ألفي دولار بينما كان يسير في حي الموكامبو بالقرب من مدرسة الكندي في الساعة الثامنة من صباح الاثنين الماضي، بنفس الأسلوب: دراجة نارية وسرعة في التنفيذ دون أي مواجهة مباشرة.

قلق شعبي

دفع تكرار الحوادث المشتكين إلى التساؤل عن جدوى الشكاوى المقدمة إلى أقسام الشرطة. وأكد معظم المتضررين الذين تحدثت إليهم عنب بلدي أنهم قدموا بلاغات رسمية بأوصاف المهاجمين ومكان الحوادث، لكنهم لم يتلقوا حتى الآن أي معلومة عن سير التحقيقات.

من جانبها، ربطت علا حريري، خريجة قسم علم الاجتماع في جامعة حلب، تزايد السرقات بالوضع الاقتصادي المتدهور، مشيرة إلى عامل أمني مرتبط بمرحلة ما بعد التحرير. وأوضحت أن خروج عدد كبير من أصحاب الجنح والجرائم الصغيرة من السجون بعد فترة التحرير، في ظل غياب الرقابة والمتابعة، ساهم في تفاقم الفوضى الأمنية. وأضافت أن انتشار الدراجات النارية سهّل عمليات السرقة والهروب، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى كاميرات مراقبة فعالة أو دوريات كافية. واعتبرت أن الدوريات الليلية للأمن العام قرب ساحة سعد الله الجابري وشارع فيصل في حي المحافظة خطوة ضرورية، لكنها غير كافية لمواجهة موجة السرقات. ولفتت إلى أن تشديد الإجراءات الأمنية قرب البنوك ومؤسسات الصرافة يمكن أن يحدّ من تحول هذه الظاهرة إلى نمط متزايد في المدينة.

حاولت عنب بلدي التواصل مع مكتب وزارة الداخلية في حلب لمعرفة أسباب الظاهرة والإجراءات المتخذة للحد منها، لكن لم تتلقَّ ردًا حتى لحظة إعداد التقرير.

رغم قرار المنع.. دراجات نارية تواصل انتشارها في حلب

خطوات سابقة

سبق أن تناولت عنب بلدي في تقرير سابق حالات سرقة السيارات بمحيط قلعة حلب والإجراءات المتبعة للحد منها، خاصة عند تقاطع شارع السجن وخان الوزير. وقال مدير المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية في حلب، محمد السعيد، حينها إن الإجراءات تبدأ بتقديم صاحب السيارة دعوى رسمية مرفقة بالأدلة المتوفرة، وفي حال وجود اشتباه بشخص أو معلومات محددة يمكن متابعتها أصولًا.

وكانت محافظة حلب أصدرت في مطلع حزيران الماضي تعميمًا يمنع سير الدراجات النارية غير المرخصة داخل المدينة، مع مصادرتها من قبل الجهات الأمنية المختصة، بهدف "تحقيق الأمن والسلامة العامة". ونصّ التعميم على السماح فقط للدراجات المرخصة بالتجول بين 6:00 صباحًا و4:00 عصرًا. وكلف التعميم الوحدات الشرطية وقوى الأمن الداخلي بتنفيذ الحملة وملاحقة المخالفين خلال ساعات المنع، مبررًا القرار بأنه يندرج في إطار جهود الحد من الحوادث والسرقات. لكن المشتكين أشاروا إلى أن القرار يحتاج إلى إجراءات مكملة، مثل زيادة الدوريات وتعزيز الرقابة في المناطق الحيوية، ليكون له تأثير فعلي على الأمن في حلب.

سرقات في حلب ومخاوف على الموسم السياحي
مشاركة المقال: