الأرق واضطرابات النوم من المشكلات الشائعة التي لها أسباب وعلاجات متعددة، وهي تؤثر بشكل كبير على الذهن والمزاج والجسم. ولكن، هل يمكن أن يكون الحل بسيطًا ومتاحًا؟ الجواب يكمن في القراءة.
قد يعتقد البعض أن القراءة تتطلب تركيزًا وجهدًا، ولكن تجربة القراءة قبل النوم قد تكون مفيدة جدًا لمن يعانون من اضطرابات النوم، حيث يمكن ملاحظة الفوائد الإيجابية.
أظهرت دراسة بعنوان "Does reading a book in bed make a difference to sleep in comparison to not reading a book in bed? The People’s Trial—an online, pragmatic, randomised trial" أن 42% من المشاركين الذين قرأوا قبل النوم أبلغوا عن تحسن في جودة النوم، مقارنة بـ 28% في المجموعة التي لم تقرأ.
وفقًا لمؤسسة "sleep foundation"، تساعد القراءة قبل النوم على تهدئة الذهن وتقليل التوتر، كما تساعد الجسم على الاسترخاء عن طريق إبطاء ضربات القلب وتخفيف توتر العضلات. وتعتبر القراءة بديلاً صحيًا عن استخدام الشاشات التي تبعث الضوء الأزرق الذي يعيق النوم.
يشير موقع "Healthline" إلى أن قراءة نصف ساعة قبل النوم تقلل التوتر بنفس فعالية تمارين اليوغا أو مشاهدة مقاطع الفيديو المضحكة، مما يساعد على الاسترخاء.
يشرح الدكتور بيار بو خليل، رئيس قسم الأمراض الصدرية والعناية المشددة في "المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت" والحائز على البورد الأميركي في أمراض النوم، لـ"النهار" أن القراءة قبل النوم تعتبر عادة مريحة تساعد على النوم والاسترخاء. وينصح بها حتى للأشخاص الذين يعانون من أرق شديد، ولكن مع الجلوس على كرسي في غرفة النوم وليس على الفراش.
في الحالات الصعبة من الأرق، ينصح بتقليل الفترة التي يقضيها الشخص على الفراش والاقتصار على استخدامه للنوم فقط، لتجنب القيام بأنشطة منبهة مثل مشاهدة التلفزيون أو تصفح تطبيقات الجوال.
يوضح بو خليل أنه إذا جعل الشخص القراءة روتينًا يوميًا، فإنه يدرب دماغه على أن هذا الوقت الليلي مخصص للنوم، وبالتالي يعتبر الدماغ القراءة الليلية تحضيرًا للنوم، وتصبح عادة مرتبطة به. كما أن روتين القراءة قبل النوم يساعد على الانفصال عن العالم الخارجي والهموم اليومية، والدخول في جو مريح يقلل من التحفيز.
من المهم أن تكون الإضاءة خافتة ومريحة وهادئة أثناء القراءة قبل النوم في الغرفة، لتوفير أجواء تساعد على الاسترخاء. ويضيف بو خليل أن الأهم هو أن تكون مدة القراءة نصف ساعة، وهي مدة كافية في أغلب الأحيان للاسترخاء والشعور بالنعاس، ولكنها قد تمتد أحيانًا إلى ساعة.
ينصح باختيار الكتب التي تساعد على الاسترخاء، وتجنب الكتب التشويقية والحماسية، وكتب الخيال العلمي والقصص البوليسية، لأنها قد تثير الحماس وتمنع النوم. كما يجب تجنب الكتب التي ترفع معدل ضربات القلب أو تسبب الضغط النفسي، مثل كتب التحليل والسياسة، والكتب الدراسية أو العلمية التي تتطلب تركيزًا قويًا. ويفضل استبدالها بكتب ذات مضمون خفيف ومرح، مثل كتب الشعر والروايات الأدبية التي تؤثر إيجابًا في المزاج والعواطف. وفي النهاية، يبقى اختيار الكتاب الأفضل للقراءة قبل النوم تفضيلاً شخصيًا.
يشير بو خليل إلى أن الفارق بين القراءة من الكتاب الورقي والأجهزة الرقمية يكمن في الضوء الأزرق الذي يخرج من هذه الأجهزة، والذي يحفز الدماغ ويحول دون الاسترخاء، بينما ضوء الإنارة المنزلية لا يتسبب بذلك. كما أن ضوء هذه الأجهزة قد يؤثر على الميلاتونين (الهرمون المسؤول عن النوم)، لذا فإن القراءة عبر هذه الأجهزة لن تساعد على النوم بنفس قدر الكتاب الورقي.
يمكن أن يكون الاستماع إلى كتاب صوتي كل ليلة جزءًا من روتين نوم فعال يساعد على الاسترخاء، ولكن الكتب الصوتية ليس لها نفس الآثار الإيجابية على جودة النوم مثل القراءة.
فوائد القراءة قبل النوم:
- تحسين جودة النوم وتخفيف الأرق، أي استيقاظ أقل ونوم لفترة أطول.
- الاسترخاء الجسدي، حيث يتباطأ القلب وتسترخي العضلات.
- تخفيف التوتر وتحسين الصحة العقلية، حيث تهدئ القراءة العقل وتمنعه من التفكير في المواقف المجهدة والمخاوف والضغوط النفسية.