الخميس, 11 سبتمبر 2025 08:05 PM

تونس تفتح البحر لفلسطين: مشهد أعظم من الإبحار في ميناء سيدي بوسعيد

تونس تفتح البحر لفلسطين: مشهد أعظم من الإبحار في ميناء سيدي بوسعيد

في العاشر من سبتمبر، تجلّت تونس بجمالٍ أخّاذ في ميناء سيدي بوسعيد، وكأنها قررت التخلي عن التذمر والانطلاق نحو فعلٍ مؤثر.

كان من المقرر أن نبحر اليوم، ولكن الشعب التونسي سبقنا بالإبحار بروحه. الموعد كان في تمام الساعة الواحدة ظهراً في مرفأ سيدي بوسعيد، والشمس كانت شاهدة على هذا اللقاء.

لكن الشعب التونسي فاق التوقعات، ولم نتمكن من الوصول إلا في الساعة السابعة والنصف مساءً. الأهم هو ما أظهره التونسيون من عزيمة وتضامن.

توافدوا إلى الميناء وكأن فلسطين بأكملها تقف في المرفأ. البعض أمضى الليل بانتظارنا، والبعض الآخر حضر منذ الساعة السابعة صباحًا، سيراً على الأقدام على الإسفلت والأرصفة وبين السيارات، وتحت الرايات الفلسطينية، حضر الجميع.

ارتفعت أصوات الأناشيد والزغاريد، والأعلام اخترقت السماء كسهام من نور. لم تتمكن سياراتنا من التحرك وسط هذا المشهد المهيب. شكراً لك يا تونس!

يا جورج، لو رأيت كيف غنى الشبان لفلسطين وكيف امتلأت العيون بالأمل. هذه هي صرختك: الشعب.

شعوبنا لم تمت يا جورج، بل تتظاهر بالموت لتخدع الطغاة.

هذا هو الشعب الذي تؤمن به. انظر إليه الآن، ها هو ينهض في تونس.

ألف روح مشحونة بالرمز والحلم.

تأجل الإبحار، ولكن وُلد انبعاث جديد. الشعب التونسي كسر الحصار البارحة.

هل تدرك معنى أن يسير الناس هكذا، دون دعوة، من أجل غزة؟ أن يختلط البحر بالشارع، والسياسة بالأسطول؟ قارئي العزيز، لطالما سألتني: "ما الذي يثبت أن الإنسان لا يزال موجودًا؟"

وكنت أجيبك بإجابات سخيفة عن الضمير، أو عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (النسخة الفرنسية، طبعًا).

لكن بالأمس، صححت تونس إجابتي وإجابتك. الإنسان لا يزال موجودًا حين نخرج من بيوتنا لا لشيء، فقط لأننا لم نعد نحتمل الظلم. أغمض عينيك وتخيل:

لو سارت الشعوب العربية كلها نحو فلسطين... اسمح لي أن أغمض عيني وأتخيل معك، الشعوب كلها تمشي. لا تصرخ، لا تضرب، لا تحرق. فقط تمشي.

العرب، والأفارقة، والآسيويون، واللاتينيون، وبعض الأوروبيين الذين تعبوا من الكذب.

يمشون... إلى إسرائيل.

يمشون فقط.

ومعهم الأحرار من كل صوب.

ودون أن يطلقوا طلقة واحدة، يسقط الحصار.

هكذا ينتهي الاستبداد والظلم أحيانًا... بخطوة واحدة في الاتجاه الصحيح.

في ذلك اليوم، لم نُبحر، ولكننا شاهدنا ما هو أعظم من الإبحار: رأينا الممكن وهو يتهيأ للخروج من المستحيل.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _راي اليوم

مشاركة المقال: