الأحد, 14 سبتمبر 2025 08:51 PM

المساهمة الاجتماعية في سوريا: فلسفة إعادة البناء الأخلاقي والقيمي والهوية الوطنية

المساهمة الاجتماعية في سوريا: فلسفة إعادة البناء الأخلاقي والقيمي والهوية الوطنية

في أعقاب الأزمات، تبرز الحاجة الماسة لإعادة بناء المجتمعات، وهذا لا يقتصر على البنية التحتية فحسب، بل يشمل النسيج الاجتماعي برمته. وفي هذا السياق، قامت الدولة السورية بتأسيس هيئة التنمية السورية، لتضع بذلك حجر الأساس لجهد جماعي يهدف إلى إعادة الإعمار، ويعكس رؤية تتجاوز البعد المادي لتلامس القيم الإنسانية والاجتماعية.

يشير المهندس نضال رشيد بكور إلى أن التنمية ليست مجرد مشروع حكومي يُدار بشكل مركزي، بل هي عملية اشتراك وتعاون بين الدولة والمواطنين. فالمساهم في هيئة التنمية السورية ليس مجرد متبرع أو مشارك مالي، بل هو شريك فاعل في بناء الوطن. هذه الفلسفة ترتكز على فكرة مفادها أن كل فرد مسؤول عن محيطه الاجتماعي، وأن الخير العام يتحقق عندما يتحمل الجميع جزءاً من المسؤولية.

المجتمع، من هذا المنظور، هو شبكة من الالتزامات المتبادلة. ويمكن اعتبار المساهمة في مشاريع التنمية نوعاً من التكافل الاجتماعي، حيث يتعدى العطاء المصلحة الشخصية ليشمل المجتمع بأكمله. وبالتالي، يصبح التضامن ليس مجرد شعور إنساني، بل أخلاقاً عملية تترجم إلى أفعال ملموسة تعيد بناء الثقة بين الناس والدولة.

هذا التضامن ليس مادياً أو مالياً فحسب، بل هو تعبير عن وحدة الهم والمصير. فعندما يساهم الفرد في مشاريع الإعمار، فإنه يؤكد أن الفشل أو النجاح ليس شأنه وحده، بل شأن المجتمع بأسره. ويتوافق هذا الفهم مع الفلسفة الإنسانية التي ترى أن الإنسان لا يستطيع العيش بمعزل عن الآخرين، وأن ازدهار الفرد مرتبط بازدهار الجماعة.

تحمل المساهمة في هيئة التنمية السورية بعداً فلسفياً آخر، وهو الوعي بالقدرة على التغيير. فالفعل الفردي يصبح جزءاً من مشروع جماعي أكبر، مما يجعل كل مساهمة حلقة في سلسلة التغيير الإيجابي. وهكذا، يصبح الانخراط في جهود التنمية ليس مجرد عمل مادي، بل تجربة أخلاقية وروحية تعيد تشكيل العلاقة بين الإنسان ومجتمعه ووطنه.

وختاماً، يمكن القول إن فلسفة المساهمة في التنمية والإعمار تتجاوز المبدأ الاقتصادي أو القانوني لتصبح ممارسة وجودية وحياة مشتركة تتحقق بالتعاون، وواجباً جماعياً يتحقق بالحرية والاختيار، ورغبة في الخير تتحقق بالعمل. ومن هنا، يصبح كل فرد جزءاً من قصة أكبر، قصة إعادة البناء، ليس فقط للمدن، بل للأخلاق والقيم والهوية الوطنية.

(أخبار سوريا الوطن-1)

مشاركة المقال: