الأحد, 21 سبتمبر 2025 11:17 PM

درعا: رصاص الأفراح يتحول إلى مأساة.. ضحايا وإصابات بسبب الاستهتار

درعا: رصاص الأفراح يتحول إلى مأساة.. ضحايا وإصابات بسبب الاستهتار

درعا – محجوب الحشيش: يشكل إطلاق الرصاص العشوائي في المناسبات أو الخلافات العشائرية خطرًا حقيقيًا على حياة سكان محافظة درعا، جنوبي سوريا، حيث تسبب في وقوع ضحايا في عدة مناسبات. ولم يقتصر الخطر على الأراضي السورية، بل امتد إلى بلدة الطرة الأردنية المتاخمة لبلدة تل شهاب السورية، حيث قُتل شاب مؤخرًا نتيجة إطلاق نار عشوائي من الجانب السوري.

على الرغم من إصدار الحكومة السورية قرارًا بمنع استخدام السلاح في المناسبات والأماكن العامة، إلا أن ذلك لم يمنع السكان، وخاصة الشباب، من الاستمرار في هذه الممارسة الخطيرة.

ضحايا من درعا

يتجنب بعض سكان درعا حضور المناسبات، كالأعراس أو الاحتفال بنتائج الامتحانات، بسبب انتشار ظاهرة إطلاق الرصاص العشوائي. محمد الحشيش، من سكان بلدة تل شهاب، صرح لعنب بلدي بأنه توقف عن مشاركة أصدقائه وأقاربه أفراحهم بسبب هذه الظاهرة المتزايدة.

وأضاف أن أغلب مستخدمي السلاح هم من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و20 عامًا، يفتقرون إلى الخبرة الكافية في استخدامه، ويطلقون النار بشكل عشوائي دون إدراك للمخاطر المحتملة. كما أن صوت الرصاص يسبب إزعاجًا وترهيبًا للأطفال والنساء، مما أصبحت يشكل مصدر قلق للسكان.

في 31 آب الماضي، قُتل الشاب زكوان الأبازيد، من سكان درعا البلد، عشية إعلان نتائج الثانوية العامة في سوريا. كان زكوان يجلس على سطح منزله عندما أصابته رصاصة طائشة أودت بحياته. وفي اليوم نفسه، قُتلت طفلة لم تتجاوز العشر سنوات في قرية نامر بريف درعا الشرقي، نتيجة طلقة طائشة خلال الاحتفالات بنتائج الثانوية العامة. كما أصيب طفل في مدينة طفس بعد إعلان نتائج الإعدادية في 7 آب الماضي.

الشيخ فيصل أبازيد، أحد أقارب زكوان الأبازيد، قال لعنب بلدي إن المحافظة تعيش حالة من الفوضى الأمنية تتطلب تدخلًا حكوميًا ومجتمعيًا للحد من هذه الظاهرة. بينما حمّل أحمد المحاميد، أحد وجهاء درعا البلد، المسؤولية للأمن الداخلي، معتبرًا أنه لم يتخذ الإجراءات الكافية للحد من هذه الظاهرة.

وطالب المحاميد الحكومة السورية بتفعيل القوانين التي تجرم إطلاق النار العشوائي، وفرض عقوبات رادعة على مرتكبيها، معتبرًا أن العقوبات القانونية، كالسجن ومصادرة السلاح، أكثر فعالية من النداءات المجتمعية.

الطرة الأردنية

في بلدة الطرة الأردنية، قُتل محمد حجازي برصاصة طائشة مصدرها الجانب السوري بينما كان يجلس أمام منزله. تقع الطرة الأردنية على الحدود مع بلدة تل شهاب السورية، وتبعد عنها حوالي كيلومتر واحد.

أحمد الجنايدة، مدرس متقاعد في بلدة الطرة الأردنية، أوضح لعنب بلدي أن سكان الحي الشمالي من البلدة يعيشون في خطر دائم بسبب إطلاق الرصاص العشوائي من الجانب السوري، سواء في المناسبات أو خلال الاشتباكات بين حرس الحدود والمهربين. وأشار إلى أن يوم مقتل محمد حجازي تزامن مع احتفال في بلدة تل شهاب السورية استمر فيه إطلاق النار لمدة عشر ساعات تقريبًا.

وفي حادثة أخرى، أصيبت زوجة أحد أصدقائه بطلقة طائشة في الكتف أثناء جلوسها على شرفة منزلها، مما استدعى نقلها إلى المستشفى وإجراء عملية جراحية. دعا الجنايدة شيوخ العشائر ورجال الدين والمثقفين في محافظة درعا إلى أخذ دورهم في منع إطلاق الرصاص في المناسبات، وفرض عقوبات مجتمعية على مرتكبي هذا الفعل. كما أكد على مسؤولية الدولة السورية في ضبط السلاح وإصدار قوانين تحد من استخدامه العشوائي.

الخلافات العشائرية

لم يقتصر إطلاق الرصاص في درعا على المناسبات، بل امتد إلى الخلافات العشائرية. في 15 أيلول الحالي، أصيب ثلاثة مدنيين، بينهم سيدة مسنة، في مدينة طفس بريف درعا الغربي، نتيجة تجدد خلاف عشائري. تدخل الأمن الداخلي لفض الاشتباك وفرض حظر تجول ليلي في المدينة.

محمد الحشيش أوضح أن الخلافات العشائرية لا تقتصر على أطراف النزاع، بل تمتد إلى المدنيين، حيث يتم استخدام السلاح بشكل عشوائي، وفي بعض الأحيان القنابل وقواذف "RPG". ويرى أن الحل يكمن في نزع السلاح وحصره بيد الدولة وتجريم كل من يستخدمه، بالإضافة إلى تغليظ الدية على القاتل وإلزامه بدفع تعويضات عن الأضرار التي يسببها.

حملة لضبط السلاح

على خلفية تصاعد حالات القتل والإصابة جراء إطلاق الرصاص العشوائي، أعلنت قيادة الأمن الداخلي بدرعا في بيان لها في 6 أيلول الحالي عن حملة لضبط السلاح المنتشر بشكل غير قانوني.

وبحسب البيان، يمنع حمل السلاح في الأماكن العامة، والتباهي به أو استخدامه في المناسبات والتجمعات، وبأي شكل من أشكال التهديد أو الابتزاز. وتعهدت قيادة الأمن الداخلي باتخاذ "الإجراء القانوني الرادع" بحق كل من يُضبط مخالفًا لهذه التعليمات، حفاظًا على أمن المواطنين وصونًا لهيبة القانون.

مشاركة المقال: