أكد وزير الخارجية والمغتربين السوري، أسعد الشيباني، أن الحكومة تسعى لبناء علاقات مع روسيا تتضمن العدالة الانتقالية ومحاسبة مجرمي النظام البائد، مع التأكيد على أهمية التوازن في العلاقات الدولية. وفي مقابلة مع قناة الإخبارية السورية، استعرض الشيباني ملامح التحول الكبير في الدبلوماسية السورية في عهد الحكومة الجديدة، مشيراً إلى دخول سوريا مرحلة جديدة من الانفتاح والحوار بعد سنوات من العزلة والتأزم السياسي.
وصف الشيباني التحول في الدبلوماسية السورية بأنه "تحول تاريخي" يهدف إلى تمثيل سوريا بشكل يليق بتضحيات شعبها وطموحاته، مؤكداً أن الوزارة تمكنت من إيصال صوت الشعب السوري والتعبير عن تطلعاته في المحافل الدولية. وأضاف أن الحكومة تعمل على معالجة آثار السياسة الخارجية السابقة التي اتسمت بـ"الابتزاز والعزلة"، مشدداً على أن الدبلوماسية السورية الحالية باتت "منفتحة على الحوار والتعاون" وتعكس روح الثورة والمعاناة التي عاشها السوريون.
دبلوماسية اقتصادية وإنسانية
أوضح الشيباني أن العمل الدبلوماسي يركز حالياً على معالجة آثار العقوبات الاقتصادية التي تؤثر على التنمية في سوريا، مشيراً إلى أن الدبلوماسية أصبحت "ركنًا أساسيًا في إعادة الإعمار وخط الدفاع الأول عن مصالح السوريين". وأشار إلى أن الحكومة تعمل على بناء علاقات إيجابية مع الدول التي تستضيف السوريين لتحسين أوضاعهم وضمان عودة كريمة للاجئين، وخاصة في لبنان، حيث بدأت دمشق بالإجراءات العملية لمعالجة ملف المعتقلين واللاجئين السوريين هناك. ولفت إلى أهمية مشاركة سوريا في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، مؤكداً أن خطاب الرئيس أحمد الشرع في الأمم المتحدة "اختصر الحكاية السورية وأظهرها للعالم بشكل واقعي وإنساني". وأضاف أن سوريا الجديدة تُذكر اليوم في المحافل الدولية كنموذج للتحول الإيجابي بعد الحرب، في إشارة إلى استعادة البلاد لمكانتها الدبلوماسية وعودتها إلى عدد من المنظمات العربية والدولية.
العلاقات الإقليمية وتحديات المرحلة
في الشق الإقليمي، شدد الشيباني على رغبة دمشق في تصحيح العلاقة مع لبنان بعد أن "شوّه النظام السابق صورة سوريا هناك"، مؤكداً أن بلاده تسعى إلى بناء علاقة متوازنة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وفيما يخص العلاقة مع روسيا، أوضح الوزير أن موسكو كانت شريكة للنظام في بعض مراحل الصراع، وأن التحدي كان في كيفية "تحييدها عن دعمه خلال معركة ردع العدوان"، مشيراً إلى التغييرات الجذرية التي طرأت على طبيعة التحالفات السورية. وشدد على أن التعامل مع روسيا كان فيه تدرج حيث لم تحصل أي اتفاقيات جديدة، مؤكدا أن الاتفاقيات بين روسيا والنظام البائد معلقة ولا تقبل بها الحكومة، وأن كل تحركاتها الدبلوماسية هادئة ومخطط لها ولا يوجد فيها أي تنازل عن حقوق السوريين. وحول طلب تسليم بشار الأسد وضباطه الفارين، أكد الوزير الشيباني أنهم تحدثوا مع الروس بشأن ذلك، وأن "جميع المواضيع التي في بال السوريين تم الحديث عنها مع الجانب الروسي".
قضية الشمال الشرقي ورفض التقسيم
تناول الوزير ملف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مشيراً إلى أن عدم انخراطها في مؤسسات الدولة يعمّق الانقسام، لكنه أكد وجود "فرصة تاريخية" لانضمامها إلى مشروع الدولة السورية الجديدة. كما شدد على رفض الحكومة "أي شكل من أشكال التقسيم أو الفيدرالية"، واعتبر أن ممارسات الجانب الإسرائيلي تهدف إلى فرض واقع توسعي جديد في المنطقة، مؤكداً أن الدبلوماسية السورية تعمل على مواجهة هذه السياسات من خلال القنوات الدولية. وفي ختام حديثه، عبّر الوزير الشيباني عن تفاؤله بمستقبل البلاد، قائلاً إن "ارتفاع سقف توقعات السوريين من الحكومة يعبر عن ثقتهم بها"، متعهداً بتحسين الواقع المعيشي وتنفيذ برامج تنموية ملموسة في المرحلة المقبلة، واعدا "بالعمل الدؤوب والكثير من الإنجازات".