استأنفت روسيا حركة الطيران من وإلى قواعدها العسكرية في سوريا، وذلك بعد توقف استمر لمدة ستة أشهر. يأتي هذا التطور في الوقت الذي تسعى فيه دمشق وأنقرة إلى إعادة بناء العلاقات بينهما، وذلك بعد فترة من التوتر إثر الإطاحة بحليف موسكو، بشار الأسد.
تمتلك روسيا قاعدتين رئيسيتين في سوريا: قاعدة "حميميم" الجوية في محافظة اللاذقية الساحلية، وقاعدة بحرية في محافظة طرطوس على البحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلى قاعدة جوية ثالثة في الحسكة شمال شرقي سوريا.
ونقلت وكالة "بلومبرغ" عن مصدر مقرب من الكرملين أن روسيا قد استأنفت بالفعل رحلاتها الجوية إلى هذه القواعد. وأظهرت بيانات موقع "Flightradar24" لتتبع الرحلات الجوية تحليق طائرتين روسيتين على الأقل إلى قاعدة حميميم في اللاذقية.
إحدى الطائرتين كانت طائرة نقل تابعة لسلاح الجو الروسي، وقد حلقت من ليبيا إلى اللاذقية ثم إلى منطقة موسكو في 26 تشرين الأول. أما الطائرة الثانية، وهي ذات سعة شحن ثقيلة، فقد وصلت إلى مطار حميميم ثلاث مرات منذ 24 تشرين الأول، وكانت آخر رحلة لها يوم الأربعاء 29 تشرين الأول، وفقًا للبيانات.
وبحسب الوكالة، تعتمد موسكو على قواعدها في ليبيا لتوسيع نفوذها العسكري في الشرق الأوسط وأفريقيا. وإلى جانب القاعدة الجوية، التي تعد مركزًا لوجستيًا رئيسيًا لعمليات موسكو في أجزاء من أفريقيا، تحتفظ روسيا بميناء طرطوس، وهو موطئ قدمها البحري الوحيد في البحر الأبيض المتوسط.
لم تستجب وزارة الدفاع ووزارة الخارجية الروسية ووزارة الإعلام السورية لطلب التعليق من الوكالة. وترى الوكالة أن خسارة أي من القاعدتين الروسيتين في سوريا ستمثل "انتكاسة استراتيجية كبيرة للكرملين".
وكان الرئيس السورية في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، قد التقى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في 15 تشرين الأول الحالي، في أول زيارة يجريها إلى موسكو منذ تسلمه الحكم. وبحث الشرع خلال زيارته إلى روسيا عددًا من الملفات على رأسها القواعد الروسية وملفات اقتصادية بين البلدين.
وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قال إن الخارجية الروسية بذلت جهودًا كبيرة لإقامة التعاون مع السلطات السورية الجديدة، وفق وكالة "ريا نوفوستي". كما قال لافروف، لوكالة "سبوتنيك"، إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال لقائه بالشرع "ناقش كل شيء" بما في ذلك موضوع القواعد الروسية.
وفي 28 تشرين الأول الحالي، التقى وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة بنظيره الروسي في زيارة خاطفة إلى موسكو، حيث جرى بحث عدد من القضايا العسكرية المشتركة بما يخدم مصالح البلدين، وفق ما نقلته وكالة "سانا" الرسمية.
ونشرت السفارة الروسية في سوريا جزءًا من اللقاء الذي دار بين وزيري الدفاع، حيث اعتبر الوزير الروسي أن "وجودنا هنا (في موسكو) مجددًا، على طاولة المفاوضات، يُظهر أن الاتصالات بين قادتنا السياسيين ووزاراتنا العسكرية فعّالة ومثمرة، وتنطوي على إمكانات هائلة". كما أكد وزير الدفاع الروسي أن اللقاء بين الرئيسين الشرع وبوتين "أعطى زخمًا إضافيًا للتطوير الشامل للعلاقات بين وزارتي دفاع البلدين".
بدوره، شكر أبو قصرة قيادة روسيا الاتحادية وأندريه بيلوسوف على تنظيم عمل الوفد السوري في موسكو. وقال الوزير السوري: "مجالات تعاوننا بالغة الأهمية. ونشهد نموًا ملحوظًا لعلاقاتنا".
وتحكم أربع ملفات العلاقة بين الجانبين، بحسب ما قاله خبراء لعنب بلدي، أولها الوضع الأمني في الجنوب السوري والتهديدات الإسرائيلية، وتسليح الجيش السوري الجديد، والمصالح الاقتصادية المشتركة، وأيضًا مصير المقاتلين الأجانب الذين ينحدرون من دول الاتحاد السوفيتي السابق.