أزمة صحية تهدد الثروة الحيوانية في القامشلي: "الحمى القلاعية" و"الزائلة" تفتك بالقطعان وشح الأدوية يفاقم الكارثة


هذا الخبر بعنوان "“الحمى القلاعية” تهدد الثروة الحيوانية في القامشلي" نشر أولاً على موقع enabbaladi.net وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٢ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
يواجه مربو المواشي في مدينة القامشلي بريف الحسكة خسائر فادحة جراء موجة نفوق واسعة النطاق بين قطعانهم، وذلك إثر تفشي مرضي "الحمى الزائلة" و"الحمى القلاعية". تتفاقم هذه الأزمة في ظل نقص حاد في الأدوية واللقاحات البيطرية، بالإضافة إلى غياب المراكز المتخصصة للمراقبة والعلاج، مما يترك المربين في مواجهة وحيدة لخسارة عشرات الرؤوس من ماشيتهم دون أي تدخل فعال من الجهات المعنية.
تحرك مكتب الصحة في "بلدية الشعب" بمدينة القامشلي، التابع لـ"الإدارة الذاتية"، عقب تلقيه شكاوى رسمية من الأهالي تفيد بوقوع حالات نفوق جماعي لعجول الأبقار في المنطقة. أثارت هذه الشكاوى مخاوف جدية من تداعيات صحية محتملة، وفقًا لما نقلته صفحة "الإدارة الذاتية لمقاطعة الجزيرة".
أجرى مكتب الصحة زيارة ميدانية للموقع المبلغ عنه، حيث تبين وجود ما بين 35 إلى 40 رأسًا من العجول النافقة ملقاة في محيط الخانات. ووفقًا لتقرير فرق المراقبة الذي نقلته الصفحة ذاتها، تسبب تحلل الحيوانات النافقة في انتشار روائح كريهة وانبعاثات غير صحية، فضلاً عن الانتشار الكثيف للحشرات، مما يشكل تهديدًا مباشرًا للسلامة العامة والبيئة المحيطة.
تعود أسباب النفوق بشكل رئيسي إلى مرض "الحمى القلاعية". وفي إفادة لعضو من مكتب الصحة، أكد أصحاب الخانات أن تفشي هذا المرض بين العجول هو السبب، مشيرين إلى أن محاولات العلاج المتبعة لم تنجح في إنقاذ هذا العدد الكبير من الرؤوس التي نفقت خلال فترة وجيزة.
وصف مربو المواشي، في حديثهم إلى عنب بلدي، الحالة الصحية لقطع انهم بالمتدهورة بشكل متسارع، مؤكدين أنهم يواجهون "عدوًا خفيًا" يتفشى بين الأبقار دون وجود تشخيص دقيق أو برنامج علاجي فعال حتى الآن. وأشار عكيد الحسو إلى أن هذا الوباء يضرب الثروة الحيوانية للمرة الثانية هذا العام، معتبرًا أن استمرار انتشاره يحول مهنة تربية الأبقار إلى مجازفة يومية غير مأمونة النتائج. وأضاف الحسو أن المشكلة لا تقتصر على فتك المرض بالأبقار فحسب، بل تتعداها إلى غياب اللقاحات الأصلية المعتمدة، حيث باتت السوق تعج ببدائل مغشوشة لا توفر أي حماية حقيقية، مما يجعل الماشية عرضة تمامًا للإصابة.
من جانبه، لفت سمير النهير إلى أن غياب التفسيرات العلمية الواضحة من قبل الأطباء البيطريين المختصين يعمق المأساة، حيث أصبح المربي عاجزًا عن حماية مصدر رزقه الوحيد. وأكد النهير أن ما يحدث ليس مجرد وعكة صحية عابرة، بل هو تهديد وجودي لاستمرارية تربية المواشي في المنطقة. وأضاف أن هذا العجز المهني أمام المرض خلق حالة من الإحباط الشديد لدى المربين، فبينما تتسارع وتيرة الإصابات، تظل العلاجات المتوفرة تقليدية ولا تتناسب مع شدة الأعراض، مما يضع القطاع الحيواني بأكمله في مواجهة خطر مجهول الهوية، يهدد بإفراغ المزارع من الثروة الحيوانية وسط غياب التدخلات الرسمية الفعالة.
وحول أنواع الحمى التي أصابت الأبقار في مدينة القامشلي، أوضح الطبيب البيطري ماهر إسماعيل العلوش، وهو مدرس في الثانوية البيطرية والزراعية بدير الزور، في تصريح سابق لعنب بلدي، أن "الحمى القلاعية" مرض يصيب الحيوانات ذات الظلف فقط ويسبب تقرحات في الفم والضرع، ولا يوجد له علاج مباشر، والوقاية الوحيدة هي اللقاح. لكن المشكلة تكمن في أن الفيروس له سبع "عترات" (تحور فيروسي) مختلفة، مما يتطلب معرفة "العترة" السائدة لتقديم اللقاح الصحيح.
أما "الحمى الزائلة"، أو حمى الثلاثة أيام، فتتميز بارتفاع حرارة الحيوان لمدة ثلاثة أيام فقط. ولا يوجد لقاح لهذا المرض في سوريا، ويعتمد علاجه على إعطاء مسكنات وفيتامينات، بالإضافة إلى استخدام قطعة قماش مبللة بالماء لتبريد جسم الحيوان.
وأشار الطبيب العلوش إلى أن المشكلة الكبرى تكمن في غياب الرقابة على الحدود، مما يسمح بدخول أمراض جديدة للمنطقة، بالإضافة إلى نقص الخبرة البيطرية، وغياب المختبرات المتخصصة، مما يجعل التشخيص صعبًا. وأضاف حينها أن قطاع الثروة الحيوانية يعاني من تحديات بيئية واقتصادية مثل الجفاف وارتفاع تكاليف العلاج. كل هذه العوامل تؤدي إلى فوضى عارمة، وتؤكد ضرورة وضع خطة واضحة للتحصينات ومراقبة الأدوية واللقاحات.
صحة
صحة
صحة
صحة