محاضرة في المكتبة الوطنية تكشف عن هوية العمارة الإسلامية المشتركة بين بلاد الشام وتركستان


هذا الخبر بعنوان "محاضرة في المكتبة الوطنية عن العمارة الإسلامية من الشام إلى تركستان" نشر أولاً على موقع sana.sy وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٩ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
دمشق-سانا - استضافت المكتبة الوطنية بدمشق اليوم محاضرة قيّمة ألقاها الدكتور عمر شحرور، تحت عنوان "البناء والعمارة الإسلامية في بلاد الشام وبلاد ما وراء النهر (تركستان)". ركزت المحاضرة على استعراض تطور العمارة الإسلامية في هاتين المنطقتين، مسلطة الضوء على أبرز مظاهر التأثر المشترك بين فضاءاتهما العمرانية. وتناولت السمات الموحدة في المنظومة المعمارية الإسلامية، والتي تجلت بوضوح في العناصر الهيكلية والزخرفية للمساجد والمدارس والمقابر في كلتا المنطقتين، مع مراعاة الطابع الإسلامي الأصيل والتكيف مع البيئة المحلية.
وأوضح الدكتور شحرور أن القباب والمآذن تمثل أبرز عناصر التشابه المعماري بين المنطقتين. ففي بلاد الشام، تميزت المساجد بقباب متوسطة الحجم تعلو فراغات الصلاة الرئيسية، مصحوبة بمآذن شاهقة. بينما في تركستان، تبرز القباب الكبيرة المزينة بالبلاط الأزرق والفيروزي، كما هو الحال في مسجد سمرقند، إلى جانب مآذنها اللافتة في الأفق. هذا التباين في التفاصيل الزخرفية لا يمنع من إبراز الوحدة المعمارية الجوهرية.
تحت عنوان "الزخرفة والفضاء المعماري.. هوية حضارية مشتركة"، أكد الدكتور شحرور أن الزخارف الهندسية والنباتية والخط العربي تشكل عنصراً محورياً مشتركاً في البناء الإسلامي. تتجلى هذه الزخارف على واجهات المساجد والقباب في مدن مثل دمشق وحلب وبيروت، وتظهر كذلك في المدارس والمقابر ببلاد ما وراء النهر. وأشار إلى أن هذه الزخارف تتجاوز كونها مجرد تزيين، لتصبح رموزاً فنية عميقة تعبر عن المفهوم الإسلامي وتتناغم مع الأشكال الهندسية التي تمتد من المسجد الأموي في دمشق وصولاً إلى قلب آسيا الوسطى.
وقدم المحاضر أمثلة بارزة من التراث الإسلامي في تركستان، منها مدارس سمرقند بمآذنها وواجهاتها المزخرفة بالحجر والبلاط الملون، والتي تعكس تأثرها الواضح بالنظام المعماري الإسلامي الكلاسيكي، مع إضافة لمسة محلية مميزة في اختيار الألوان والمواد. كما تطرق إلى الأضرحة والمقابر ذات القباب المزدوجة، التي تجسد التكامل بين الفضاء الداخلي والرمزية الروحية في العمارة الإسلامية.
وفي سياق المقارنة، تناول الدكتور شحرور المدارس الدينية في بلاد الشام، كالمؤسسات العثمانية والمملوكية في دمشق وطرابلس. ورغم اختلافها في تفاصيل الزخرفة والأبعاد، إلا أنها تتشارك مع نظيراتها في تركستان في الترتيب الفضائي حول فناء مركزي واسع، كان يُستخدم لأغراض التعليم والصلاة معاً. هذا التشابه يؤكد وجود وحدة فلسفية عميقة في تصاميم العمارة الإسلامية، تتجاوز التباين الجغرافي.
واختتم الدكتور شحرور محاضرته بالتأكيد على الأهمية البالغة لفهم هذه الروابط التاريخية والمعمارية، التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من الإرث الحضاري الإسلامي المشترك الممتد من المشرق العربي إلى آسيا الوسطى. ودعا إلى تكثيف الدراسات المقارنة بين التراث المعماري للحضارات الإسلامية المتنوعة، بهدف صون هذا الإرث الثمين ونقله بوعي للأجيال القادمة.
تجدر الإشارة إلى أن الدكتور عمر شحرور من مواليد حلب عام 1955، وقد تخرج في كلية الهندسة بجامعة حلب عام 1978. تابع دراساته العليا في أكاديمية العلوم بجمهورية قرغيزيا، متخصصاً في الآثار الإسلامية ضمن عمارة وفنون بلاد الترك. عمل مدرساً لتاريخ الحضارة الإسلامية في جامعتي بشكيك وأراباييفا، وشارك في مؤتمرات عديدة حول الحضارة الإسلامية ودور بلاد ما وراء النهر فيها، كما ألف دراسات وأبحاثاً عدة نُشرت في مجلات أكاديمية. وقد وقف الدكتور شحرور في صف الثورة السورية، حيث عمل مديراً لمجلس محافظة حلب الحرة.
ثقافة
ثقافة
ثقافة
ثقافة