بابا نويل: من القديس نيقولاوس في ميرا إلى أيقونة عالمية للعطاء والفرح


هذا الخبر بعنوان "من ميرا إلى العالم.. رحلة بابا نويل من القداسة إلى الثقافة الشعبية" نشر أولاً على موقع syriahomenews وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٣٠ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
مع اقتراب شهر كانون الأول من كل عام، تبرز شخصية بابا نويل، المعروف أيضاً باسم سانتا كلوز، لتزين واجهات المحلات وشرفات المنازل ووسائل الإعلام. هذا الرجل العجوز المبتسم، بلحيته البيضاء وبذلته الحمراء، الذي يقود عربته التي تجرها الأيائل، قد تحول من أسطورة قديمة إلى أيقونة عالمية تجسد روح عيد الميلاد. وراء هذه الصورة التجارية، تكمن رمزية عميقة تتجاوز مجرد شخصية مرحة، لترتبط بقيم العطاء والتجديد والبراءة.
توضح بشرى سمير، نقلاً عن الدكتور خالد شناعة، أستاذ التاريخ المتقاعد في جامعة دمشق، أن جذور شخصية بابا نويل تعود إلى القديس نيقولاوس، أسقف مدينة ميرا في القرن الرابع الميلادي (في تركيا الحالية). اشتهر القديس نيقولاوس بكرمه وسرية عطائه، خاصة للأطفال والفقراء. من أبرز القصص عنه أنه أنقذ ثلاث فتيات من العبودية بإلقاء أكياس من الذهب من نافذة منزلهن ليلاً لتأمين مهورهن. عبر القرون، امتزجت هذه الشخصية التاريخية بتقاليد أوروبية، لا سيما في هولندا حيث عُرف باسم «سينتر كلاس»، قبل أن تنتقل إلى أمريكا مع المستوطنين الهولنديين وتتحول إلى «سانتا كلوز».
يشير الدكتور شناعة إلى أن شخصية بابا نويل في العصر الحديث تجاوزت حدودها الدينية لتصبح ظاهرة ثقافية عالمية تمثل:
يضيف الدكتور شناعة أن شخصية بابا نويل لا يمكن فصلها عن تقليد تبادل الهدايا، الذي أصبح السمة الأبرز لعيد الميلاد. تحمل هذه الممارسة دلالات متعددة:
كما ترمز هدايا عيد الميلاد إلى «الهدية الكبرى» المتمثلة ببداية جديدة، تذكيراً بولادة المسيح حسب المعتقد المسيحي. ورغم تحول موسم الهدايا إلى ظاهرة تجارية ضخمة، يبقى جوهرها الحقيقي في القيمة المعنوية لا المادية.
لفت الدكتور شناعة إلى أن شخصية بابا نويل واجهت انتقادات متنوعة، بدءاً من اتهامها بتجارية العيد وإخفاء معناه الديني، وصولاً إلى القول إنها تشجع على الاستهلاك المفرط وتغرس سلوكاً مادياً لدى الأطفال. ومع ذلك، تبقى القيم التي تمثلها هذه الشخصية قادرة على تجاوز تلك الانتقادات إذا ما تم التركيز على جوانبها الإيجابية.
يبقى بابا نويل شخصية محبوبة وتجسيداً حياً لفكرة أن العطاء يمكن أن يكون سرياً وغير مشروط، وأن الفرح الحقيقي يكمن في إسعاد الآخرين. في عالم يزداد تعقيداً وانشغالاً، تذكرنا هذه الشخصية الأسطورية بأن بعضاً من السحر والغموض والخير لا يزال ممكناً. وربما تكون الهدية الأكبر التي يقدمها بابا نويل للبشرية هي هذا الإيمان بأن الخير موجود، وأن كل نهاية عام تحمل معها بداية جديدة وفرصة للتغيير والمغفرة والتجدد.
يختتم الدكتور شناعة بالقول: "سواء كان بابا نويل حقيقة تاريخية أو أسطورة خيالية، فإن قيم العطاء والأمل والفرح التي يمثلها تبقى حقيقية وملموسة في كل هدية نقدمها بصدق، وكل ابتسامة نزرعها في قلوب الآخرين."
ثقافة
ثقافة
ثقافة
ثقافة