الأحد, 23 نوفمبر 2025 10:30 PM

أزمة التعليم في الرقة: صراع بين مدارس الإدارة الذاتية والتعليم الخاص وتحديات تواجه الطلاب والأهالي

أزمة التعليم في الرقة: صراع بين مدارس الإدارة الذاتية والتعليم الخاص وتحديات تواجه الطلاب والأهالي

يشهد قطاع التعليم في محافظة الرقة تحولات كبيرة تؤثر على الطلاب والمعلمين والأسر. صرح مصدر مسؤول في لجنة التربية والتعليم في الرقة لمنصة "سوريا 24" بأن المدارس التابعة للإدارة الذاتية تعاني من تدهور ملحوظ بسبب نقص البنية التحتية، وغياب الرقابة الفعالة، وفقدان الكوادر التعليمية المؤهلة، مما أدى إلى توجه العديد من الطلاب نحو التعليم الخاص.

أوضح المصدر أن تدني أجور المعلمين دفعهم للعمل في أكثر من معهد خاص لتعويض دخلهم، مما أدى إلى تفاوت كبير في جودة التعليم بين هذه المعاهد نتيجة لضعف الرقابة التربوية وغياب معايير واضحة للاعتماد والمناهج.

من جانبهم، أعرب أولياء الأمور عن قلقهم بشأن ارتفاع رسوم التعليم الخاص، التي تتراوح بين 20 و75 دولارًا شهريًا للطالب، حسب الخدمات المرافقة مثل النقل والوجبات والوسائل التعليمية الحديثة والأنشطة الترفيهية. وقالت أم ميرا، والدة طفلة تدرس في أحد معاهد الرقة الخاصة، في تصريح لـ"سوريا 24": "تكلفة التعليم الخاص مرتفعة جدًا بالنسبة إلينا، لكننا مضطرون لدفعها خوفًا من تدني مستوى التعليم في المدارس التابعة للإدارة الذاتية".

كشف المصدر لـ"سوريا 24" أن التعليم الخاص يواجه تحديات متداخلة، منها غياب الرقابة التربوية الكافية، مما أدى إلى تفاوت كبير في جودة التعليم بين المعاهد، وارتفاع الرسوم الدراسية مقارنة بدخل الأسر المتوسطة، مما جعل التعليم الخاص متاحًا فقط للطبقة الميسورة. كما تعاني بعض المعاهد من ضعف في البيئة المدرسية، سواء في البنية التحتية أو توفر الوسائل التعليمية الحديثة، بالإضافة إلى عدم وجود مناهج موحدة أو معايير اعتماد رسمية، مما أدى إلى تفاوت كبير في مستوى التعليم المقدم.

يضاف إلى ذلك تأثير الظروف الاقتصادية والفقر، اللذين دفعا العديد من الطلاب إلى ترك الدراسة والانخراط في سوق العمل، مما يشكل تهديدًا لمستقبلهم التعليمي والاجتماعي. وأشار المصدر إلى أن التعليم الخاص أصبح بديلًا ضروريًا بعد تراجع أداء المدارس التابعة للإدارة الذاتية، لكنه لا يزال بحاجة إلى تنظيم أكبر يشمل الاعتراف الرسمي، والرقابة الأكاديمية، وتطوير مهارات الكوادر التعليمية.

كما شدد على ضرورة إعادة تأهيل البنية التحتية للمدارس المتضررة، واستعادة دور دار المعلمين في الرقة كمركز تدريبي رئيس لرفع مستوى الكوادر التعليمية. وأكد المصدر أهمية تطوير مهارات المعلمين عبر برامج تدريب حديثة تعتمد أساليب التعليم التفاعلي، إضافة إلى تقديم حوافز مالية تعزز استقرارهم. كما سلط الضوء على أهمية برامج الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب المتأثرين بالحرب، وتوفير منح دراسية خاصة للفتيات وذوي الاحتياجات الخاصة.

تشير الإحصاءات إلى وجود 402 مدرسة مفعلة حاليًا في المحافظة، مقابل 512 قبل الحرب، ووصول عدد المعاهد والروضات الخاصة إلى نحو 200، فيما يُقدَّر عدد المعلمين غير المؤهلين في عام 2025 بأكثر من 4200 معلم. وفي تصريحاتهم لـ"سوريا 24"، عبّر عدد من الأهالي عن ارتباكهم حيال الخيارات التعليمية المتاحة بسبب تفاوت جودة المعاهد الخاصة. وقال زيد العواد، والد أحد الطلاب: "ندفع مبالغ كبيرة كل شهر، لكننا لا نعرف إن كانت جودة التعليم حقيقية، لأن الرقابة غائبة بالكامل".

كما أعرب عدد من الطلاب عن شعورهم بالضياع بين مدارس تعاني محدودية الموارد وتعليم خاص مكلف، آملين أن تبذل الجهات المعنية مزيدًا من الجهود لتحسين الواقع التعليمي وتوفير فرص متساوية لجميع الطلاب. ويُظهر هذا الواقع حجم التحديات المتشابكة التي يواجهها قطاع التعليم في الرقة، والحاجة الملحة إلى تعاون واسع واعتماد آليات حديثة تضمن تعليمًا عادلًا وذا جودة للجميع.

مشاركة المقال: