سجّلت ألمانيا في عام 2024 ارتفاعًا غير مسبوق في عدد حالات اللجوء الكنسي، حيث بلغ عدد الحالات المسجّلة 2,386 حالة، بزيادة تقارب 300 حالة عن العام السابق. ويُعدّ هذا النوع من اللجوء بمثابة ملاذ مؤقت تمنحه الكنائس لطالبي الحماية المهددين بالترحيل، وغالبًا ما يتعلق الأمر بحالات خاضعة لاتفاقية دبلن، التي تنص على إعادة طالب اللجوء إلى الدولة الأوروبية التي دخل منها أول مرة.
يتسبب هذا الارتفاع في تصاعد التوترات بين المؤسسات الدينية والسلطات المختصة بملف الهجرة. فعلى الرغم من أن اللجوء الكنسي لا يتمتع بإطار قانوني ملزم، إلا أنه يستند إلى اتفاق غير رسمي بين الكنائس ومكتب الهجرة واللاجئين (BAMF) منذ عام 2015، يسمح بتعليق الترحيل مؤقتًا في حال الاشتباه بوجود "ظروف إنسانية قاسية".
بحسب البيانات الرسمية، فقد تم خلال عام 2024 تقديم أكثر من 1,800 ملف كنسي إلى السلطات لطلب مراجعة الحالات على أساس استثنائي، لكن تم الاعتراف بحالة واحدة فقط على أنها تمثل ظرفًا قاسيًا يستوجب الاستثناء من الترحيل. ويأتي معظم هذه الحالات من داخل الكنائس البروتستانتية، تليها الكاثوليكية ثم الطوائف المسيحية الحرة.
الجدل حول هذه الممارسة تصاعد مجددًا بعد لجوء ثلاثة طالبي لجوء صوماليين إلى كنيسة إنجيلية في برلين، إثر صدور قرار قضائي يوقف ترحيلهم إلى بولندا. وقد وصفت الكنيسة هذه الخطوة بأنها "واجب إنساني"، في حين عبّر مسؤولون حكوميون عن انزعاجهم مما وصفوه بتعطيل متعمد للإجراءات القانونية، معتبرين أن اللجوء الكنسي أصبح وسيلة لتجاوز القانون وليس مكمّلًا إنسانيًا له.
من جانبه، دعا وزير داخلية هامبورغ، أندي غروته، إلى إعادة النظر في الاتفاق القائم مع الكنائس، مؤكدًا أن "الكنيسة ليست فوق القانون"، ومطالبًا بحوار جديد يضمن احترام سيادة الدولة إلى جانب الحس الإنساني.
في المقابل، شدد رجال الدين على أن حماية الضعفاء هي من صميم رسالة الكنيسة، وأن تدخلهم يقتصر على حالات استثنائية تنطوي على خطر فعلي على كرامة الإنسان أو حياته.