تشهد أسواق إدلب في شمال غربي سوريا ارتفاعاً غير مسبوق في الأسعار، يطال معظم السلع الأساسية، من الخضراوات والفواكه إلى اللحوم والمحروقات. ويعبر السكان عن استيائهم ويتهمون القرارات الاقتصادية الأخيرة والظروف المناخية بالتسبب في هذه الأزمة.
رصدت منصة سوريا 24 الأسعار في أسواق المدينة، حيث وصلت أسعار الخضراوات والفواكه إلى مستويات قياسية. فقد بلغ سعر كيلو الخيار 30 ليرة تركية، والبندورة 20 ليرة، والفاصوليا 40 ليرة، والبطاطا 20 ليرة. أما التفاح فوصل إلى 50 ليرة، والعنب 40 ليرة. وارتفع سعر صحن البيض إلى 120 ليرة، ولتر الزيت إلى 80 ليرة تركية، مما جعل تأمين المواد الغذائية اليومية عبئاً ثقيلاً على معظم العائلات.
أصوات الناس
عصام محمد (40 عاماً)، أحد سكان إدلب، عبّر عن استيائه قائلاً: "يا جماعة وضع إدلب سيء، أسعار الخضار ارتفعت ارتفاع جنوني، اليوم كيلو الخيار بـ30 ليرة، الخضرة أكل الفقير ماعاد قدر يشتريها". وتساءل كيف يمكن للشخص الذي لديه أجرة منزل وأطفال والتزامات أن يعيش مع هذا الغلاء. وتعكس كلمات عصام حال معظم السكان الذين يجدون أنفسهم بين مطرقة الغلاء وسندان ضعف الدخل وغياب البدائل، في ظل استمرار التدهور الاقتصادي.
المزارعون يشتكون: الحرارة أحرقت المحاصيل
من جانبه، أوضح المزارع صلاح من معرة مصرين لسوريا 24، أن الظروف المناخية فاقمت الأزمة قائلاً: "السبب وراء ارتفاع أسعار الخضار هو ارتفاع درجات الحرارة، فالخضرة عم تنحرق لأن الحرارة أعلى من المناسب للخضار والفواكه". ويؤكد مزارعون أن الإنتاج المحلي تراجع بشكل ملحوظ خلال الأسابيع الماضية نتيجة الموجات الحارة، مما قلّص المعروض في الأسواق وزاد من حدة الارتفاعات السعرية.
قرارات جديدة تزيد الضيق
في خضم هذه الظروف، أصدرت وزارة الاقتصاد والصناعة قراراً يقضي بوقف استيراد 15 صنفاً من الخضار والفواكه خلال شهر أيلول/سبتمبر المقبل، شملت: (البندورة، الخيار، البطاطا، الباذنجان، الفليفلة، البصل، الثوم، الليمون، اللوز، الجوز، الفستق الحلبي، التفاح، العنب، الخوخ، التين). وكانت الوزارة قد أصدرت قبل أيام قراراً آخر يقضي بوقف استيراد مادة الفروج المجمّد اعتباراً من 15 آب/أغسطس الجاري، فيما سبقه قرار صادر عن الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية نهاية الشهر الماضي بمنع استيراد منتجات زراعية عدة إضافة للفروج والبيض.
وعادة ما تُعلل هذه القرارات بدعم المنتج المحلي وحماية المزارعين من الخسائر، إلا أن انعكاساتها المباشرة بدت ثقيلة على المستهلكين الذين يواجهون ارتفاعاً كبيراً في الأسعار وتراجعاً في الجودة، مع انعدام القدرة الشرائية لمعظم الأسر.
أزمة متفاقمة
مع استمرار تراجع القدرة الشرائية للسكان، وغياب حلول اقتصادية عاجلة، يخشى الأهالي من أن تتحول موجة الغلاء الحالية إلى أزمة معيشية طويلة الأمد، خصوصاً مع اقتراب فصل الشتاء وارتفاع الطلب على مواد التدفئة والمحروقات. إذ أن سياسة وقف الاستيراد وإن كانت تهدف في ظاهرها إلى حماية المزارع المحلي وتشجيع الإنتاج الداخلي، إلا أنها في ظل ضعف البنية التحتية الزراعية، وتراجع القدرة على ضبط الأسواق، تؤدي عملياً إلى ارتفاع الأسعار وتراجع الأمن الغذائي، فالمنتج المحلي لا يستطيع سد النقص الحاصل، خاصة في أوقات الأزمات المناخية أو الكوارث الطبيعية، ما يجعل المستهلك الحلقة الأضعف، ويدفعه لتحمل تبعات قرارات اقتصادية غير مدروسة.