الإثنين, 11 أغسطس 2025 11:14 PM

إصرار على التعليم في شمال سوريا: أسماء ورفاقها المكفوفين يتحدون آثار الحرب

إصرار على التعليم في شمال سوريا: أسماء ورفاقها المكفوفين يتحدون آثار الحرب

في مدينة مارع بريف حلب، تستهل الشابة أسماء عترو (مواليد 2004) فصلًا جديدًا من حياتها، وذلك بعد أن حرمها قصف سابق من نعمة البصر، لتجد نفسها في خضم تجربة مليئة بالتحديات والانقطاع عن الدراسة.

تقول أسماء: "بعد الإصابة، اعتقدت أن العودة إلى مقاعد الدراسة أمر مستحيل، ولكن افتتاح معهد للمكفوفين، بالإضافة إلى الدروس التي قدمتها جمعية نبض بلا حدود، شجعني على البدء من جديد، وأنا نادمة على عدم اتخاذ هذه الخطوة منذ وقت طويل".

لم تكن رحلة التعلم يسيرة، حيث شكلت المواد العلمية كالرياضيات تحديًا مضاعفًا نظرًا لاعتمادها على القلم والورقة، إلا أن التحدي الأكبر، كما تصفه أسماء، كان نفسيًا، متمثلًا في التوتر، والضغط الناتج عن الاندماج في بيئة جديدة، والتكيف مع نمط الامتحانات المخصص للمكفوفين. ومع ذلك، استطاعت أسماء التغلب على هذه الصعاب، ونجحت في الصف التاسع، لتنطلق نحو تحقيق حلمها بإكمال المرحلة الثانوية.

إن نجاح أسماء ليس مجرد قصة فردية، بل هو جزء من صورة أوسع، حيث تمكن سبعة طلاب مكفوفين، بمن فيهم مصابون جراء الحرب ومن كلا الجنسين، من اجتياز الصف التاسع بتفوق، وذلك بفضل الدعم المقدم من جمعية نبض بلا حدود العاملة في مناطق إدلب، والتي كرست جهودها لتحويل الكتب المدرسية إلى ملفات صوتية، وتوفير دورات تعليمية وتدريبية للمكفوفين وضعاف البصر.

يشير عبد الكريم الخنوس، مدير مكتب التعليم في جمعية نبض، إلى أن "رحلة جمعية نبض بدأت في الأول من سبتمبر 2023، استجابة لمعاناة أحد أعضائها الذي فقد بصره، ومن هنا انطلقت الجمعية حاملةً رسالة دعم وتمكين المكفوفين ومصابي الحرب، لتمكينهم من القيام بدور فاعل في المجتمع".

وقد قامت الجمعية حتى الآن بتسجيل 93,593 صفحة صوتية وإعادة صياغة أكثر من 41,000 صفحة من ملفات PDF إلى صيغة Word لتيسير الوصول إلى المعرفة، كما أطلقت منصة "شعاع الأمل" لطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية، وأنشأت حلقات "رياض القرآن" لتعليم القرآن الكريم.

وعلى الصعيد التنموي، نفذت الجمعية برامج تدريبية، أبرزها مشروع "سين" الذي جمع المتطوعين والمستفيدين في ورش عمل تفاعلية، تضمنت تدريب المجتمع على التعامل مع ذوي الإعاقة البصرية، ودورات لتعليم استخدام الهواتف الذكية للمكفوفين، إيمانًا بأن التكنولوجيا هي جسر نحو الاستقلالية.

وعلى الرغم من الإنجازات التي حققتها الجمعية، إلا أنها تواجه تحديات مادية وتقنية تهدد استمرارية عملها، غير أن عزيمة كوادرها والمتطوعين تبقى أقوى من الصعوبات. فهؤلاء لا يرون في فقدان البصر نهاية المطاف، بل بداية لمسار جديد من النور الداخلي الذي يقودهم نحو مستقبل أكثر إشراقًا.

مشاركة المقال: