أكد سامي عيسى أن متغيرات عديدة أثرت على الواقع الاقتصادي والاجتماعي، نتيجة لسياسات الحكومات السابقة والتوجهات الاقتصادية الجديدة. وأشار إلى حاجة ملحة لسياسات واضحة تتناسب مع هذا التغيير، لتحقيق تحسن ليس فقط في الاقتصاد، بل في مختلف الجوانب الاجتماعية والخدمية.
بدأت وزارة المالية، بعد تحليل الواقع المالي، بإعادة هيكلة عملها الداخلي بما يتماشى مع الآلية الجديدة، واتخاذ خطوات جادة، خاصة فيما يتعلق بموارد الخزينة من الضرائب والرسوم، التي أثقلت كاهل العملية الإنتاجية والمواطنين. وتسعى الوزارة والجهات التابعة لها إلى إعادة ترتيب الأولويات.
اتخذت الوزارة سلسلة إجراءات تضمنت إعفاءات ضريبية أثارت جدلاً حول تأثيرها على الخزينة العامة، مما دفع وزارة المالية إلى تشكيل لجنة خاصة للإصلاح الضريبي، بدأت اجتماعات لمناقشة النظام الضريبي وكيفية إصلاحه، ليتماشى مع التوجهات الاقتصادية الجديدة، وليكون أكثر عدالة وفعالية.
بدأت لجنة الإصلاح مسيرة التغيير، ووضعت خلال اجتماعاتها، التي كان آخرها في وزارة المالية، جداول زمنية دقيقة ومسارات تنفيذية متكاملة، ضمن خطة إصلاح شاملة تهدف إلى تطوير النظام الضريبي وتعزيز كفاءته وعدالته. وتركز محاور الإصلاح على تبسيط الإجراءات، تقليل الضرائب وتوحيدها، ترسيخ الشفافية، دعم الشراكة مع القطاع الخاص، وتوسيع التحول الرقمي، بما يعزز الثقة ويسهم في تحقيق الالتزام الطوعي.
تأتي هذه الخطوات استكمالًا للاجتماع التأسيسي الأول الذي أطلق أعمال اللجنة بهدف معالجة التشوهات في النظام الضريبي.
أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور فادي عياش لصحيفة “الحرية” أنه يجري حالياً تحديث وتطوير العديد من التشريعات المالية، التي من شأنها تحسين إيرادات الخزينة العامة للدولة، وتخفيض التكاليف، مما يساعد على تحريك عجلة الاقتصاد وتخفيف الأعباء على المواطنين، وهذا بدوره يساهم في تحقيق حالة من التوازن بين الإيرادات والنفقات وتحقيق العدالة.
في خضم هذه الثورة التشريعية، قد تتأثر الإيرادات العامة خلال فترة التحديث، ولكن من المتوقع أن تتحسن الإيرادات من خلال عدالة التكليف وشفافية التحصيل والإنفاق.
يحدد النظام الضريبي الجديد ضريبة بنسبة 10 % فقط على الصناعيين، وسيتم تخصيص 25 % من حصيلة ضريبة المبيعات، التي ستحل بديلاً عن ضريبة الإنفاق الاستهلاكي اعتباراً من بداية 2026، لدعم قطاعي الصناعة والتصدير. كما ستُعفى المنشآت الصناعية المتضررة أو المدمرة بالكامل من الضرائب حتى إعادة تأهيلها.
وأضاف عياش أن قانون الضريبة على المبيعات الجديد يعتبر خطوة تمثل تحولاً جوهرياً في مسيرة إصلاح السياسة الضريبية السورية، حيث إنه يعزز مبادئ التنافسية والعدالة ويعمل على تبسيط الإجراءات، لا سيما أن السلع الغذائية والأساسية ستُعفى بشكل كامل من الضريبة، بما يضمن عدم تحميل المواطنين أعباء إضافية.
أشار وزير المالية إلى أن النسب المقترحة في القانون الجديد تُعد الأدنى على الإطلاق مقارنة مع دول المنطقة والعالم، حيث تم اقتراح نسبة لا تتجاوز 5%، بينما لا تقل عن 11% وحتى 24% في غالبية الدول العربية وحتى الأوروبية، وهو ما يمكن اعتباره ميزة تنافسية كبيرة للإنتاج والصناعة الوطنية، وكذلك على مستوى القدرة الشرائية، وتحفيز الطلب الكلي، ما يسهم في تعافي الاقتصاد المحلي.
يعتمد النهج الجديد للمالية السورية مفهوم المسؤولية المجتمعية لقطاع الأعمال، كما لحظ تمويل البحث العلمي، والتي تساعد على تشجيع قطاع الأعمال لزيادة مساهمته في تحقيق أعمال التنمية، حيث يتيح النظام الضريبي الجديد للمنشآت الصناعية تخصيص ما نسبته 25% من الضرائب المستحقة لدعم مشاريع ذات طابع مجتمعي، منها تمويل البحث العلمي، باعتباره ركيزة أساسية لأي عملية تطوير صناعي واقتصادي.
تكتمل الجهود الإصلاحية من خلال تعزيز الدخل التصرفي المتاح للعاملين، والذي يمكن اعتباره زيادة غير مباشرة للدخل، والذي من شأنه تفعيل الطلب المحلي الكلي والمساهمة في تحسين مستوى المعيشة، من خلال زيادة الحد الأدنى من الدخل المعفي من الضرائب. (اخبار سوريا الوطن 2-الحرية)