الأحد, 9 نوفمبر 2025 04:20 PM

الحسكة: الجفاف يهدد الموسم الزراعي وارتفاع أسعار البذور يفاقم معاناة المزارعين

الحسكة: الجفاف يهدد الموسم الزراعي وارتفاع أسعار البذور يفاقم معاناة المزارعين

سامر ياسين – الحسكة

يتأمل حجي حقله الجاف بقلق، معبراً عن خشيته من موسم زراعي صعب للغاية إذا استمر الجفاف في المنطقة. ويشير إلى أن أسعار الشعير تتراوح حالياً بين 550 و600 دولار للطن، والقمح بين 350 و400 دولار، مما يضعه أمام تحدٍ كبير لبدء الموسم الزراعي في ظل هذه الأسعار المرتفعة.

يواجه مزارعو الحسكة وريفها، مع اقتراب موسم الزراعة، أزمة متجددة في تأمين بذار القمح والشعير، وذلك بسبب الارتفاع الكبير في أسعارها خلال الأسابيع الماضية. ويعزو التجار والمزارعون هذا الارتفاع إلى تراجع الإنتاج في الموسم الفائت نتيجة الجفاف الذي ضرب المنطقة، مما أدى إلى نقص الكميات المتوفرة في الأسواق المحلية.

خطر على الموسم الزراعي

يوضح حجي فهيم، وهو مزارع من مدينة الحسكة، لنورث برس، أن بعض المزارعين مجبرون على الاستمرار في الزراعة رغم الغلاء المرتفع، بينما يعجز آخرون عن شراء البذار فيكتفون بتأجير أراضيهم أو زراعتها للمرعى فقط. ويرى أن هذا الوضع سيقلل من الإنتاج ويزيد من الخسائر.

ويشير إلى أن ارتفاع أسعار البذار مرتبط بشكل مباشر بجفاف الموسم، حيث ترتفع الأسعار في المواسم الجافة وتنخفض في المواسم الجيدة. ويروي محمد خلف، وهو مزارع آخر من ريف الحسكة، أن الموسم الماضي كان خاسراً تماماً مع ارتفاع تكاليف الزراعة، مضيفاً أن بذار هذا العام أغلى من السابق بشكل كبير، مما يجعل الكثير من المزارعين عاجزين عن شراء البذار وبدء الموسم الزراعي، خصوصاً إذا استمر الجفاف.

ويوضح أن سعر كيلو غرام الشعير الأسود ارتفع من 3000 ليرة سورية العام الماضي إلى 6000 ليرة هذا العام، مؤكداً أن توقف سوق المواشي منذ أكثر من عام يضاعف من صعوبة الوضع، حيث أن ارتفاع أسعار البذار وفشل الموسم الزراعي يؤثران مباشرة على حياة السكان الذين يعتمدون أساساً على الزراعة والثروة الحيوانية.

بذار قليل وأسعار خيالية

من جهته، يبين رشاد غانم، وهو تاجر حبوب وبذار في الحسكة، أن أسعار البذار هذا العام باهظة بسبب قلة الكمية المطروحة في الأسواق، وخاصة الشعير. ويضيف لنورث برس، أن وجود الشعير الأوكراني عادة يخفض الأسعار، لكن إغلاق الطرق والمعابر وغياب الإنتاج نتيجة الجفاف خلال العامين الماضيين أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، مشيراً إلى أن الإدارة الذاتية لا توزع الشعير على المزارعين، ما يزيد الضغط على السوق.

ويقول سعد إبراهيم، وهو تاجر بذار آخر، إن كميات البذار قليلة جداً في الأسواق، حيث يباع بذار القمح بين 400 و500 دولار للطن، بينما يصل سعر الشعير إلى 600 دولار بسبب قلة المادة والطلب المستمر عليها. ويشير خلال حديثه لنورث برس إلى أن الموسم الماضي كان ضعيفاً، مما أثر على توفر البذار هذا العام، حتى الشعير الأبيض المستورد يباع بأسعار مرتفعة ولا يصلح للزراعة.

كميات قمح كافية للبذار

في المقابل، يؤكد محمد معمي، وهو مستشار مؤسسة إكثار البذار في شمال وشرق سوريا، أن سعر بذار القمح هذا العام يصل إلى 350 دولار للطن، بعد أن تضمنت تكلفة شراء القمح من المزارعين بـ 420 دولار مع المكافآت، إضافة إلى أجور النقل والحمل ومواد التعقيم وأكياس التغليف.

ويشير في حديث لنورث برس إلى أن المؤسسة، بالتنسيق مع المجلس التنفيذي، قررت دعم المزارعين بسبب الظروف المناخية الصعبة وضعف الإنتاج، ما يجعل السعر الحالي للبذار مقبولاً لدى الفلاحين رغم أن المؤسسة تتكبد خسارة بنسبة 40%. ويضيف معمي أن المؤسسة تمتلك كميات كافية من بذار القمح، حيث تم غربلة وتعقيم نحو 49 ألف طن حتى 19 تشرين الأول / أكتوبر الفائت، إضافة إلى 4 آلاف طن احتياطية، ليصل الإجمالي إلى أكثر من 53 ألف طن في المستودعات، مع توزيع حوالي 10 آلاف و150 طن على الفلاحين حتى الآن.

وأوضح أن مراكز الغربلة تعمل بكامل طاقتها لتأمين البذار في الوقت المناسب وفق الخطة الزراعية والترخيص الزراعي، مؤكداً أن المؤسسة وضعت خطة لإنتاج 70 إلى 80 ألف طن من بذار القمح هذا العام، بالتعاقد مع مزارعين لزرع 300 ألف دونم من الأراضي المروية والمرخّصة، بهدف دعم الفلاحين وضمان موسم زراعي ناجح، مع الإشارة إلى أن أي ظروف مناخية قاسية قد تؤثر على الإنتاج، لكنها ستبقى تدعم الفلاحين لتخفيف تداعيات أي أزمة.

تحرير: معاذ الحمد

مشاركة المقال: