الخميس, 1 مايو 2025 11:05 PM

الدواء التركي يغزو الصيدليات السورية: هل هو حل لأزمة الأسعار أم تهديد للصناعة المحلية؟

الدواء التركي يغزو الصيدليات السورية: هل هو حل لأزمة الأسعار أم تهديد للصناعة المحلية؟

خاص|| بات شراء الدواء عبئاً ثقيلاً على جيوب الأهالي، أسوة بغلاء الدواء الوطني، ونتيجة اتباع اقتصاد السوق الحر، بدأ الدواء التركي يلحظ في الصيدليات السورية.

وخلال رصد أجراه مراسل “أثر” على بعض صيدليات العاصمة دمشق والتي تحوي الـدواء التركي، تبين أن هناك فرق بالأسعار بينه وبين نظيره السوري وخاصة أدوية المضادات الحيوية والفيتامينات. وبناءً عليه، “أثر” فتح ملف “الدواء التركي”، لمعرفة مدى الإقبال على شرائه، ونسبة فاعليته، والتوصيف الاقتصادي لوجوده و تأثيره على المنتج الوطني.

الدواء التركي أرخص.. لكن!

“طلبت من الصيدلي مضاد حيوي، تفاجأت بأن سعره 54 ألفاً، وعندما طلبت بديل أقل تكلفة، فأخبرني أنه يوجد دواء تركي وأقل سعراً إذ يبلغ 32 ألفاً”، بحسب ما بدأت به الخالة أم عامر حديثها لـ “أثر”.

وتابعت: “ولكن عندما أخذت الدواء التركي، لم أستفد منه، وعدت لشراء الدواء الوطني، وبهذا زادت تكاليف الدواء، ومدة الشفاء” أما الشاب نعيم، يقول لـ “أثر” إنه لجأ لشراء الدواء التركي كونه أقل تكلفة، ومناسب للوضع المعيشي، وخاصة أدوية المكملات والفيتامينات، تعتبر منخفضة السعر بمقدار الثلث من تكلفة نظيرتها محلية الصنع.

بدوره، أوضح الصيدلي سمير الطويل لـ “أثر” أن الدواء التركي بدأ ينتشر في الصيدليات السورية، إما عبر شركات مستوردة وتوزعه بشكل نظامي، ونسبتها ضئيلة، أو عبر مهربين وهي النسبة الأكبر.

وأكد أن الإقبال على الأدوية التركية بدأ يزداد في الفترة الأخيرة، نتيجة أسعارها المنخفضة أسوة بالمنتج المحلي، ورغم أن الفاعلية منها متوسطة وأقل من فاعلية الوطني، ولكن الأهالي يرغبون بالأرخص وليس بالأفضل.

وبحسب الطويل، فإن غالبية الأدوية التركية المنتشرة بالصيدليات، ترتكز في مضادات الالتهاب والمسكنات، والفيتامينات و المنشطات، وأيضاً المستحضرات التجميلية كالشامبو والمراهم.

الدواء السوري الأكثر فاعلية:

من جانبه، أشار الدكتور طلال اليوسف، أخصائي أمراض الأنف والأذن والحنجرة في حديث مع “أثر”، إلى أن الدواء التركي الموجود بالأسواق السورية، من أقل الأدوية جودة بتركيا، ويعتبر ذي تصنيفات محدودة بتركيا وليست جيدة.

ونوه إلى أن المريض اليوم يتجه للأدوية الرخيصة في البداية، ولكن عندما تتأزم الحالة يراجع الصيدلي أو الطبيب، وبالتالي يصرف له الدواء الوطني.

واعتبر الدكتور اليوسف أن الـدواء السوري أكثر فاعلية من الدواء التركـي، ولكنه يناسب وضع الأهالي.

اقتصادياً نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة حماة والخبير الاقتصادي، الدكتور عبد الرحمن محمد، يصف دخول الدواء التركي إلى السوق السوري، كإجراء لسد الفجوة الدوائية الناتجة عن تراجع الإنتاج المحلي، بسبب العقوبات ونقص المواد الخام.

وفي حديثه مع “أثر”، اعتبر أنه من الناحية الاقتصادية، ينظر إلى وجود الدواء التركي بالسوق السورية على أنه “تعزيز للعرض الدوائي بأسعار تنافسية، ما يخفف العبء على الأهالي، ويعتبر منافسة للصناعة المحلية التي تعاني أساساً من ضعف الإنتاج وارتفاع التكاليف، ووجوده بالأسواق كان استجابة لسياسة الاستيراد كحل مؤقت لأزمة نقص الأدوية، لكنه قد يهدد الاستثمار في القطاع الصيدلاني السوري على المدى الطويل”.

الحد من الدواء السوري:

وحول تأثير الدواء التركي على الدواء السوري، أفاد الدكتور محمد بأنه بسبب انخفاض أسعار الدواء التركي مقارنةً بالسوري، فإن آثاره المحتملة تتمثل في: تراجع حصة السوق للمنتج المحلي؛ بسبب تفضيل المستهلكين للأدوية الأقل ثمناً، والضغط على المصانع السورية لخفض التكاليف أو تحسين الجودة لمواجهة المنافسة، ما قد يضعف قدرتها إذا لم تدعم بسياسات حماية.

وعن تأثيره على أسعار الـدواء السوري، فيرى أنه قد تخفض الأسعار محلياً نتيجة المنافسة وهو أمر إيجابي للمواطن، لكنه قد يقلل أرباح الشركات الوطنية ويحدّ من استثماراتها، وفقاً للدكتور محمد.

فرض رسوم جمركية:

ويعتقد الدكتور محمد أنه لضبط آلية دخول الدواء التركي وحماية الصناعة الوطنية، يتوجب اتباع عدة مقترحات، وهي فرض رسوم جمركية انتقائية على الأدوية التركية لتقليل الفجوة السعرية مع الدواء السوري، ودعم المصانع المحلية بتسهيلات مالية وتوفير المواد الخام لتعزيز قدرتها التنافسية.

ومن الحلول أيضاً، مراقبة الجودة بفرض معايير صارمة على المستورد لضمان عدم الإضرار بالصحة العامة، وتحديد حصص استيراد للأدوية التركية لحماية المنتج الوطني مع سد العجز، وتشجيع التعاون التقني بين البلدين لنقل الخبرات ورفع كفاءة الصناعة السورية، بحسب ماختم به الدكتور عبد الرحمن محمد حديثه مع “أثر”.

يذكر أن الحكومة السورية اتبعت اقتصاد السوق الحر المفتوح، والذي يعتمد على التنافسية ويسمح بدخول البضائع والسلع الأجنبية للأسواق السورية، الأمر الذي يزيد المنافسة بين الصناعيين لجذب المستهلكين.

إذ دخلت عدة بضائع وسلع أجنبية للأسواق السورية، كالأدوية والمواد التموينية والمواد التنظيفية بالإضافة للحوم والألبسة وغيرها.

مشاركة المقال: