المعارك تتجدد مع وصول مسلحين من العشائر
دعت الرئاسة السورية، يوم الجمعة، إلى "ضبط النفس" وأعلنت عن عزمها إرسال قوة "لفض الاشتباكات" في جنوب البلاد، حيث تشهد المنطقة جولات عنف منذ عدة أيام.
أفاد بيان صادر عن الرئاسة بأن "الجهات المختصة تعمل على إرسال قوة متخصصة لفض الاشتباكات وحل النزاع ميدانياً، بالتوازي مع إجراءات سياسية وأمنية تهدف إلى تثبيت الاستقرار وضمان عودة الهدوء إلى محافظة السويداء في أسرع وقت".
وأكد البيان على أن "سوريا دولة لكل أبنائها من الطائفة الدرزية وقبائل البدو على حد سواء وليست لطائفة بعينها". وشدد على أن احترام المدنيين وضمان أمنهم واجب وطني لا نقاش فيه، وأن أي انتهاك يتعرضون له هو بمثابة تهديد لوحدة البلاد.
لاحقاً، بث "تلفزيون سوريا" أن الأمن الداخلي بدأ في تجهيز قوات لإرسالها إلى السويداء.
وفي المساء، اندلعت اشتباكات عند المدخل الغربي لمدينة السويداء بين مسلحين من العشائر والفصائل الدرزية الموجودة داخل المدينة.
شاهد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية عند المدخل الغربي للسويداء نحو 200 مقاتل من العشائر يتبادلون إطلاق الرشاشات والقذائف مع المقاتلين الموجودين داخل المدينة.
وقد دارت اشتباكات على بعد كيلومترات قليلة من المدينة بعد سيطرة العشائر على العديد من القرى القريبة من مركز المحافظة، بما في ذلك قرية المزرعة. وانتشرت مقاطع فيديو تزعم أن القوات الدرزية استعادت أو تحاول استعادة بلدة ولغا على المدخل الغربي للسويداء.
أفاد رئيس بعثة الصليب الأحمر في سوريا بأن "الوضع الإنساني في السويداء حرج والمستشفيات تجد صعوبة في معالجة الجرحى". وجددت اللجنة الدولية للصليب الأحمر دعوتها لحماية السكان وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل فوري وآمن ودون عوائق. وأكدت أن العنف المستمر في جنوب سوريا، خاصة في محافظة السويداء، أدى إلى مقتل وإصابة الكثيرين.
في غضون ذلك، أعلنت منظمة "الخوذ البيضاء" فقدان الاتصال برئيس مركز الاستجابة الطارئة حمزة العمارين منذ مساء الأربعاء، أثناء تنفيذه مهمة لإجلاء فريق من الأمم المتحدة في السويداء. وأفاد بيان للدفاع المدني السوري أن العمارين كان يرتدي زي المنظمة ويقود سيارة تحمل شاراتها، ورافقته سيدة محلية أكدت أن مسلحين أوقفوه عند دوار العمران واقتادوه إلى جهة مجهولة، فيما استولوا على السيارة.
وأكدت المنظمة أنها تمكنت من الاتصال بهاتفه ورد شخص أكد أن العمارين بخير، ثم انقطع الاتصال.
وطالبت "الخوذ البيضاء" الفصائل المسيطرة على السويداء بالإفراج الفوري عنه، محذرة من استخدام السيارة المصادرة. وأدانت ما وصفته بـ"الانتهاك الخطير" بحق العاملين الناشطين الإنسانيين، مشددة على التزامها بالحياد وضرورة احترام عملها الإنساني.
وبالنسبة إلى الإصابات، أكدت وزارة الصحة في بيان ارتفاع "عدد القتلى منذ بدء الأحداث في محافظة السويداء إلى 260 فيما ارتفع عدد المصابين إلى 1698". وأكدت أن لديها قافلة طبية تضم 20 سيارة إسعاف وفرق طبية متخصصة لكنها لم تتمكن من دخول المحافظة بسبب الوضع الأمني.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن طبيب سوري قوله إن مستشفى السويداء استقبل أكثر من 400 جثة منذ الاثنين.
من جهتها، قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في بيانات محدثة أمس إن أعمال العنف في السويداء أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 321 شخصاً، بحسب ما أوردت وكالة "رويترز" التي نقلت أيضاً عن وزير سوري إن الحكومة انتشلت 87 جثة لكنه لم يوضح ما إذا كانت تلك هي الحصيلة الكاملة لقتلى أعمال العنف التي وقعت في الآونة الأخيرة بين العشائر البدوية ودروز في مدينة السويداء ومحيطها.
وفي ما يخص انتشار القوات الحكومية لضبط الوضع، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا، في بيان، إن قوات الوزارة "في حالة جاهزية طبيعية". وأضاف أن بعض وسائل الإعلام تناقلت "أخباراً غير دقيقة" عن دخول قوى الأمن الداخلي إلى محافظة السويداء. وأكد "عدم صدور أي تصريح رسمي بهذا الخصوص، وننفي بشكل قاطع صحة ما نُشر، محملين الجهات الإعلامية مسؤولية نقل معلومات غير موثوقة".
يأتي هذا بينما قال مسؤول إسرائيلي، اليوم الجمعة، إن إسرائيل ستسمح بدخول محدود للقوات السورية إلى محافظة السويداء لمدة 48 ساعة بالنظر لحالة عدم الاستقرار في المنطقة.
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم كشف اسمه، لصحافيين: "في ضوء استمرار حالة عدم الاستقرار في جنوب غرب سوريا، وافقت إسرائيل على السماح بدخول محدود لقوات الأمن الداخلي (السورية) إلى محافظة السويداء لمدة الثماني والأربعين ساعة المقبلة"، وفق ما نقلته وكالة "رويترز" للأنباء.
في غضون ذلك، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك: "يجب أن يتوقف سفك الدماء والعنف، وحماية كل الأشخاص يجب أن تكون الأولوية المطلقة". وطالب بإجراء "تحقيقات مستقلة، سريعة وشفافة في كل أعمال العنف، ومحاسبة المسؤولين" عن الانتهاكات.
وكانت الرئاسة السورية أفادت، أمس الخميس، بأن قرار سحب القوات العسكرية من السويداء كان الهدف منه إتاحة الفرصة أمام جهود التهدئة وحرصاً على تجنب المزيد من التصعيد واستجابة للوساطة الأميركية العربية.
غير أن الرئاسة قالت إن "القوات الخارجة عن القانون" في السويداء خرقت تفاهمات التهدئة وارتكبت "جرائم مروعة تتنافى كليّاً مع التزامات الوساطة وتهدد بشكل مباشر السلم الأهلي وتدفع باتجاه الفوضى والانهيار الأمني".
وطالبت إسرائيل الحكومة السورية بالانسحاب من الجنوب، وحذرت من أنها لن تسمح بتعزيز وجودها على الحدود.