الجمعة, 28 نوفمبر 2025 11:54 PM

المؤتمر الدولي الثاني للأطباء النفسيين في دمشق: نحو رعاية نفسية مستدامة

المؤتمر الدولي الثاني للأطباء النفسيين في دمشق: نحو رعاية نفسية مستدامة

انطلقت في دمشق فعاليات المؤتمر السنوي الدولي الثاني للرابطة السورية للأطباء النفسيين بالتعاون مع جامعة دمشق، تحت شعار "شفاء الإنسان أساس إعمار الأوطان".

يستمر المؤتمر لمدة يومين، ويناقش مسارات الرعاية النفسية المتخصصة لضحايا الاعتقال والتعذيب والصدمات النفسية وذويهم، بمشاركة أطباء من سوريا وألمانيا وأمريكا والدول العربية. يهدف المؤتمر إلى وضع حجر الأساس لـ "منظومة صحية نفسية مستدامة" تدمج الرعاية النفسية في صلب الرعاية الأولية، وتؤهل الكوادر الوطنية لتكون خط الدفاع الأول عن سلامة المجتمع العقلية والنفسية.

صرخة علمية في وجه النسيان

أشار رئيس الرابطة السورية للأطباء النفسيين ورئيس المؤتمر الدكتور مازن خليل إلى أن مهمة المؤتمر تتجاوز التشخيص السريري لتصبح مهمة أخلاقية وحقوقية تهدف إلى تحقيق العدالة الشافية، ومناقشة كيف يمكن للطب النفسي أن يكون رديفاً للعدالة الانتقالية، ولجبر الضرر النفسي أن يكون أهم أشكال التعويض. وأكد أن الضحية تحتاج إلى مجتمع يعترف بألمها، وقانون يحمي كرامتها، وبيئة عمل تحتضن طاقاتها، وأن محاور المؤتمر هي صرخةٌ علمية في وجهِ النسيان، ومحاولة جادة لترميم النسيج المجتمعي المتهتك.

الطريق نحو التعافي الحقيقي

أكد ممثل نقيب الأطباء السوريين الدكتور محمود الرفاعي أن البناء يبدأ من الإنسان، وأن رعاية الناجين والجرحى نفسياً، وفهم معاناتهم ضمن سياقهم الاجتماعي والديني والثقافي والسياسي هو الطريق نحو التعافي الحقيقي، مؤكداً دعم النقابة الكامل لكل نشاط ومؤتمر علمي يسهم في ارتقاء المهنة وتحسين أدائها، ولاستمرار هذه المؤتمرات التخصصية، وتوحيد الجهود لتطوير التعليم الطبي والرعاية الصحية في سوريا.

شهد المؤتمر كلمة عبر الذكاء الاصطناعي، تُجسد شخصية أبو زيد البلخي، المعروف بـ "أبو الطب النفسي" وأحد أهم الأطباء النفسيين في التاريخ الإسلامي، تحدث عن الطب النفسي قبل أكثر من ألف عام في كتابه الشهير "مصالح الأبدان والأنفس"، وذلك بتمييزه بين مرض البدن ومرض النفس. وأشار إلى أنه كان يعالج الحزن والوساوس على مستوى الفرد، أما الأطباء النفسيون اليوم، فيحملون مهمة أعظم، وهي ترميم الروح الجماعية، وتشخيص الجرح الوطني، وهندسة الشفاء.

المؤتمر الأول بعد التحرير

بين المحاضر في المؤتمر ورئيس اللجنة العلمية للمؤتمر الدكتور يوسف لطيفة أن المؤتمر هو الأول بعد التحرير وسيتحدث عن الجوانب القانونية، وضرورة وجود قوانين أو تشريعات تحدد المسؤوليات النفسية والقانونية لكل الانتهاكات والضحايا بسبب الاعتقال، والجوانب الأخلاقية، وجانب العلاج النفسي ودراسته بأشكاله، وكيفية دعم الذين تعرضوا لصدمات نفسية، لافتاً إلى ضرورة وجود فرق هندسة نفسية أو معالجين نفسيين، وإنشاء مراكز صحية ومستشفيات لدعم رعاية المرضى النفسيين أو النتائج السلبية الناتجة عن الاعتقال والدمار والفقدان.

برنامج تأهيلي للعلاج النفسي للصدمات

أشار مدير وحدة الإرشاد الجامعي والدعم النفسي في جامعة دمشق الدكتور مازن الشماط إلى وجود برنامج في جامعة دمشق موجه لأعضاء الهيئة التدريسية والتعليمية، لتزويدهم بالاختصاصات والمهارات اللازمة وتأهيلهم وفق برنامج يستمر لمدة سنة بموضوع العلاج النفسي للصدمات، ليكونوا قادرين على نقلها لطلابهم، وبالتالي بناء كوادر وطنية جاهزة للتعامل مع الصدمات، وخاصة الناجين من المعتقلات وتجربة الاعتقال.

يرافق المؤتمر معرض لمنتجات دوائية خاصة بالعلاجات النفسية لـ 8 شركات دوائية.

الرابطة السورية للأطباء النفسيين هي منظمة غير حكومية، تهدف إلى تطوير وتعزيز مجال الطب النفسي في سوريا، ورفع المستوى المهني للأطباء النفسيين فيها، وتعنى بإجراء الدراسات الطبية، وعقد المؤتمرات والندوات لتبادل الخبرات، وتدريب المتخصصين.

مشاركة المقال: