الجمعة, 16 مايو 2025 07:52 AM

المقاتلون الأجانب في سوريا: من عبء إلى حل.. هل تنجح الإدارة الجديدة في تجاوز معضلة 'المهاجرين'؟

المقاتلون الأجانب في سوريا: من عبء إلى حل.. هل تنجح الإدارة الجديدة في تجاوز معضلة 'المهاجرين'؟

ترافق إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب رفع العقوبات عن سوريا بخمسة شروط، من بينها "مغادرة جميع المقاتلين الأجانب" من الأراضي السورية. يمثل هذا المطلب تحدياً كبيراً للإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، نظراً للدور الذي لعبه هؤلاء المقاتلون في دعم "هيئة تحرير الشام" خلال السنوات الماضية، وحتى سقوط نظام بشار الأسد. فمنذ تشكيل "الجيش الحر"، تدفق المقاتلون الأجانب من مختلف الدول، مستخدمين الحدود التركية كممر.

بين عامي 2012 و2014، حظي المقاتلون الأجانب بسمعة جيدة في "حواضن الثورة"، خاصة في الشمال السوري، لمشاركتهم الفعالة في القتال ضد قوات الأسد وشراستهم. كما شكلوا مجموعات "الانغماسيين" و"الانتحاريين" ونفذوا عمليات نوعية، مما أكسبهم تعاطفاً شعبياً واسعاً وأُطلق عليهم اسم "المهاجرين".

وبعد سقوط النظام السوري السابق، كانت تنظيمات المقاتلين الأجانب جزءاً أساسياً من "غرفة إدارة العمليات العسكرية" بقيادة "هيئة تحرير الشام". وفي أول تصريح له حول القضية، قال الرئيس السوري أحمد الشرع إن هؤلاء الذين ساهموا في إطاحة نظام الأسد "يستحقون المكافأة"، ملمحاً إلى إمكانية منحهم الجنسية السورية، وهو ما أثار نقاشات واسعة.

اليوم، يشكل هؤلاء الأجانب أحد أوجه العقدة والحل في مستقبل سوريا. ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن قيادي سابق في "هيئة تحرير الشام" قوله إن "إدارة الشرع لن تمانع من الاستجابة لشرط الإدارة الأميركية"، مؤكداً أن "الإخوة المهاجرين" أنفسهم لا يتمسكون بالمناصب "إن كانت تعيق مصلحة البلاد".

ويقول كريم محمد، وهو قيادي في الجيش السوري وكان قائد كتيبة في "هيئة تحرير الشام"، إنه "لا مصلحة للحكومة بأي خطوة سلبية تجاههم" لكونهم يتمتعون بشعبية قوية داخل صفوف الجيش والأمن الجديد وحاضنة الثورة. ويضيف أن الحكومة تبذل جهوداً لإبعادهم عن الصراعات الداخلية وإعادتهم إلى مواقعهم في إدلب، مع وعود بدمجهم بالمجتمع، وربما حتى منحهم الجنسية السورية مستقبلاً.

ويرى الباحث في الجماعات المتطرفة حسام جزماتي أن المطالب الأميركية والغربية لا تتضمن طرد المقاتلين الأجانب "بقدر ما تشترط أمرين، ألا يحتل هؤلاء مناصب بارزة في الدولة الوليدة، ولا سيما في الجيش والأمن والحكومة، وألا يتخذ أي منهم من الأراضي السورية منصة لانطلاق عمليات عسكرية في الخارج أو الإعداد لها أو التدريب عليها".

ويؤكد أبو حفص التركستاني، وهو يرأس حالياً كتيبة في الجيش السوري، أنه لم يأتِ إلى سوريا لقتل السوريين أو لكسب مادي أو مناصب، بل لنصرتهم. ويضيف أن هناك هجوماً إعلامياً ممنهجاً عليهم يتهمهم بأنهم وراء أي تجاوز يحدث، وأنهم "وراء الهجمات على قرى الساحل أو السويداء وهذه مجرد افتراءات".

ويرى جزماتي أنه يمكن لـ"المهاجرين" أن "يبقوا في سوريا بصيغ قانونية رسمية واضحة يتفق عليها، وبصفة مدنية فقط من دون أن يتصدروا الواجهة بدولة ليسوا مشغولين بحكمها أصلاً، وأن يتعهدوا بعدم استخدام أراضيها لتنفيذ مخططات جهادية خاصة بهم في بلدانهم الأصلية أو في أنحاء العالم".

وقال أحد المقاتلين الأجانب لـ"الشرق الأوسط": "نحن لن نقف ضده (الشرع) كما فعلنا طوال السنوات الماضية. لم نتدخل في قتال الفصائل وكنا على مسافة من الجميع ونراعي مصالح سوريا التي لم ولن تتضارب مع مصالحنا يوماً".

ولكن المعضلة تكمن في صعوبة "التراجع عن التعيينات وقرارات ترفيع العسكريين التي أعلنتها القيادة العامة، بعد ثلاثة أسابيع فقط من سقوط نظام بشار الأسد، وبينهم ثلاثة عمداء وثلاثة عقداء".

وعن احتمالات استغلال الجماعات المتطرفة مسألة التضييق على عناصرها وإبعاد المقاتلين الأجانب منهم، قال الباحث: "لا أرى أن تنظيم (القاعدة) في وارد إحياء نشاطه في سوريا بعدما حلّ فرعه فيها. أما (داعش)، التي لا نعرف مخططاته السورية بالضبط، فربما تستغل أي سياسة لا ترضى عنها".

مع تعمق الخلافات المتعلقة بالأفكار أو التنافس على النفوذ، انتقل أغلب "المهاجرين" إلى جماعات انقسمت على بعضها في فترات معينة، مثل "جبهة النصرة" التي كانت تابعة لتنظيم الدولة (داعش) وانشقت عنه.

في الأعوام بين 2014 و2018، كانت "هيئة تحرير الشام" بدأت تكبح منهجياً من سلطة المقاتلين الأجانب وتنحيهم عن تصدر القيادة والظهور في الإعلام كما كان الوضع سابقاً، واعتقلت الكثيرين منهم كما فعلت مع "حراس الدين". كذلك طردت من صفوفها الكثير ممن رفضوا الانصياع للتغيرات التي أحدثها أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) وقتها. فقد بدأ هؤلاء المقاتلون الأجانب يشكّلون عائقاً في وجه "سورنة المعركة" داخلياً وخارجياً.

فهل ينجح اليوم وقد صار أحمد الشرع رئيساً للبلاد في إجراء المزيد من التشذيب والدمج بما يحقق شروط الخارج ومصالح الداخل؟

مشاركة المقال: