الأربعاء, 9 يوليو 2025 01:40 PM

تضامن شعبي واسع في سوريا لمواجهة حرائق الساحل: حملات تطوعية لدعم المتضررين

تضامن شعبي واسع في سوريا لمواجهة حرائق الساحل: حملات تطوعية لدعم المتضررين

في استجابة مؤثرة للحرائق المدمرة التي طالت آلاف الهكتارات من الغابات والمناطق الزراعية في الساحل السوري، انطلقت مبادرات شعبية ومجتمعية واسعة النطاق. تجسد هذا التفاعل في إطلاق حملات تطوعية عديدة بقيادة فرق وجمعيات ومنظمات محلية، تهدف إلى تقديم الدعم للعائلات المتضررة وتلبية الاحتياجات الأساسية للمنكوبين.

في الوقت الذي تواصل فيه فرق الإطفاء والكوادر المحلية جهودها الحثيثة لاحتواء النيران المشتعلة في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة وإدلب، تعالت أصوات التضامن من المجتمع المدني، ساعية إلى تعويض النقص في الإمكانيات الرسمية.

“عَقِمها” و”كُن عونًا”: تعاون ميداني على خط النار

في مشهد يعكس روح المسؤولية الجماعية، أعلنت جمعية “عَقِمها”، بالتعاون مع فريق “كُن عونًا”، عن إطلاق استجابة طارئة تهدف إلى مساندة العائلات التي اضطرت إلى النزوح من منازلها جراء الحرائق، وتقديم المساعدات الميدانية الضرورية للمناطق المتضررة. وأكدت الجمعيتان أن هذه النيران لم تعد مجرد مشكلة محلية، بل هي كارثة وطنية شاملة تتطلب تضافر الجهود، داعيتين إلى التكاتف الشعبي تحت شعار: “نار واحدة تلتهم أرضنا جميعًا، وقلوبنا تحترق معها”.

أوضح حسام حميدوش، أحد منسقي حملة “كُن عونًا”، أن الفريق تمكن من إيصال 280 برميل مياه إلى “النقطة صفر”، حيث تجري عمليات الإطفاء في ظروف بالغة الصعوبة، وسط نقص حاد في الموارد. وأضاف: “الأبطال المرابطون يواجهون النار بلا كلل، لكن الإمكانيات المتاحة غير كافية. هناك عائلات باتت بلا مأوى، ولا تملك الغطاء أو الطعام”.

وقد جاء نداء التبرع الذي أطلقته الحملتان بعبارات مؤثرة تحث على الشعور بالمسؤولية والانتماء: “التبرع اليوم ليس مجرد عمل خيري، بل هو تعبير عن الانتماء والمسؤولية. حتى التبرعات البسيطة تساهم في تحقيق الهدف الأكبر”.

“نساء من أجل الأرض”: مبادرة نسوية تقود الاستجابة من قلب الرماد

وسط هذه الأزمة، برزت مبادرة “نساء من أجل الأرض”، بقيادة مجموعة من المنظمات النسائية السورية، لتكون من أبرز المبادرات المدنية ذات الطابع النسوي. وقد جسدت هذه المبادرة دور المرأة في أوقات الكوارث، ليس فقط كضحية، بل كقائدة في الصفوف الأمامية للاستجابة.

أشارت أحلام الرشيد، إحدى المشاركات في الحملة، إلى أن هذه المبادرة جاءت كرد فعل سريع على ما وصفته بـ “النكبة البيئية والإنسانية”، مؤكدة أن نساء سوريات من مختلف المناطق والخلفيات قد اجتمعن لحماية الأرض ودعم المجتمع. وأضافت: “نحن نساء سوريات من خلفيات وتخصصات متنوعة، اجتمعنا لنقف إلى جانب أهلنا في هذه الظروف الصعبة، ولحماية ما تبقى من أرضنا وكرامتنا، وقيادة جهود إعادة الحياة”.

شملت أهداف الحملة تقديم الدعم المادي والعيني للعائلات المتضررة، وإرسال صهاريج المياه إلى المناطق التي تعاني من نقص المياه، وتوفير الوقود للآليات العاملة في عمليات الإطفاء، واستقبال العائلات المتضررة وتوفير مأوى مؤقت لها، بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي الأولي للنساء والأطفال.

مشهد تضامني يساند فرق الإطفاء

تعكس هذه المبادرات أهمية التعاون المجتمعي في دعم الاستجابة الرسمية، حيث تظهر المنظمات الأهلية والأفراد كخط دفاع رديف في مواجهة الكوارث البيئية والإنسانية. وتؤكد هذه الحملات أن التضامن الشعبي لا يزال نابضًا في قلب المجتمع السوري، على الرغم من الانقسامات والصعوبات. ولا يقتصر دور هذه المبادرات على توفير المياه أو الغذاء أو المأوى، بل يتجاوز ذلك إلى حمل رسائل عميقة عن التضامن والارتباط بالأرض والناس، وإعادة بناء الروح الجماعية التي تواجه الحرائق المعنوية قبل المادية.

يواصل فريق الاستجابة الطارئة أداء مهامه إلى جانب عناصر الدفاع المدني ووزارة الطوارئ والكوارث، في معركة شرسة ضد واحدة من أسوأ موجات الحرائق التي يشهدها الساحل السوري. وأكد مدير الفريق أن جهودًا جبارة تُبذل منذ أيام دون توقف لاحتواء النيران ومنع انتشارها إلى مناطق جديدة، على الرغم من المخاطر الكبيرة وصعوبة التضاريس.

تشهد عمليات الإطفاء تنسيقًا ميدانيًا واسعًا، مع دخول الطيران المروحي على خط المواجهة، ووصول فرق دعم من دول مجاورة مثل تركيا والأردن. وفي ظل الحاجة الماسة إلى كل دعم ممكن، تواصل فرق الإطفاء في الدفاع المدني والاستجابة الطارئة وغيرهم من المتعاونين جهودهم لإنقاذ ما تبقى من الغابات.

مشاركة المقال: