الثلاثاء, 14 أكتوبر 2025 04:59 PM

تقارب تركي سوري: هل يلوح في الأفق اتفاق أمني شامل؟

تقارب تركي سوري: هل يلوح في الأفق اتفاق أمني شامل؟

شبكة أخبار سوريا والعالم/ تدخل العلاقات بين تركيا وسوريا منعطفًا جديدًا يرتكز على "التعاون الأمني"، وذلك بعد سنوات من التوتر السياسي والعسكري والقطيعة. تشير التطورات الأخيرة، بما في ذلك الاجتماعات الرفيعة المستوى بين وفود البلدين في أنقرة، والتقارب المتزايد بين دمشق و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، بالإضافة إلى تصريحات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إلى تحولات استراتيجية وميدانية أعمق مما تبدو.

أكد فيدان في تصريحات حديثة أن تركيا تعتبر "أمن سوريا جزءًا لا يتجزأ من أمنها القومي"، مشيرًا إلى أن الاجتماعات بين الجانبين تناولت خطوات مشتركة لضمان استقرار سوريا ووحدة أراضيها.

تتمحور المناقشات بين أنقرة ودمشق حول ملف "قوات سوريا الديمقراطية"، حيث تطالب تركيا بتسليم أسلحتها ودمجها الكامل في الجيش السوري. وتسعى دمشق في المقابل إلى الحفاظ على توازن دقيق بين المصالحة الداخلية وتجنب استفزاز أنقرة.

في سياق متصل، استضافت دمشق لقاءً جمع الرئيس السوري أحمد الشرع بقائد "قسد" مظلوم عبدي، بحضور مبعوثين أمريكيين. وقد أثمر هذا اللقاء عن اتفاق مبدئي لتسليم "قسد" إنتاج النفط من حقول دير الزور إلى الحكومة السورية، مع الاحتفاظ بنسبة معينة لتلبية احتياجات السوق المحلي. تعتبر هذه الخطوة رمزية، لكنها تفتح الباب لدمج "قسد" تدريجيًا ضمن المؤسسات السورية، وهو ما تراقبه تركيا عن كثب، حيث تعتبر "قسد" امتدادًا لحزب العمال الكردستاني (PKK)، المصنف كمنظمة إرهابية تهدد أمنها.

يشير الباحث في العلاقات الدولية، مهند حافظ أغلو، إلى أن المنطقة تشهد المراحل الأخيرة من "سباق إعادة بناء الدولة السورية" على الصعيدين الأمني والعسكري. ويرى أن التحركات التركية الأخيرة تهدف إلى معالجة الملفات العالقة، بما في ذلك ملف "قسد" وملف الجنوب السوري، عبر التنسيق المباشر مع دمشق.

يعتقد أغلو أن أنقرة مستعدة لإقامة قواعد عسكرية مشتركة مع دمشق داخل الأراضي السورية في عمق يتراوح بين 30 و40 كيلومترًا، مما قد يعيد صياغة التعاون العسكري بين البلدين بشكل أوسع من اتفاقية "أضنة" الموقعة عام 1998.

يواجه تنظيم "قسد" خيارًا صعبًا: إما قطع علاقاته مع حزب العمال الكردستاني (PKK) والتحول إلى قوة سورية وطنية خالصة، أو مواجهة احتمال تحرك عسكري تركي-سوري مشترك لإنهاء نفوذه في الشمال الشرقي.

تعتبر تركيا، حسب أغلو، أن "أمنها القومي مهدد طالما ظل عناصر حزب العمال الكردستاني نشطين داخل سوريا"، وستضطر للتحرك العسكري إذا فشلت دمشق في دمج "قسد" في مؤسساتها بشكل كامل.

إلى جانب ملف "قسد"، يشير أغلو إلى أن مناطق السويداء ودرعا والقنيطرة في الجنوب السوري تشهد أيضًا توترات أمنية محلية، وأن إسرائيل قد تحاول استغلال هذه الاضطرابات لتعزيز وجودها هناك تحت ذريعة "حماية الأقليات"، وخاصة الدروز. وتسعى تركيا في المقابل إلى سد أي فراغ أمني في الجنوب عبر التنسيق مع دمشق، لمنع إسرائيل من استغلال الوضع.

يرى أغلو أن أمام دمشق خيارين: إما دمج "قسد" تدريجيًا في الجيش السوري تحت إشراف تركي غير معلن، أو قبول تحرك عسكري مشترك ينهي وجود "قسد" ككيان مستقل.

في النهاية، يرى أغلو أن تركيا ستواصل مشروعها لضمان أمن حدودها الجنوبية، سواء من خلال تفاهمات دبلوماسية أو عمليات ميدانية إذا فشلت الحلول السياسية.

على الرغم من التحولات الأخيرة واللقاءات الإيجابية بين أنقرة ودمشق، تبقى العلاقة بين البلدين توازنًا للمصالح أكثر منها تحالفًا استراتيجيًا. تسعى تركيا لضمان أمن حدودها ومنع قيام كيان كردي في شمال سوريا، في حين تسعى دمشق لاستعادة سيادتها على كامل أراضيها دون تصعيد مع أنقرة أو "قسد".

المرحلة القادمة قد تشهد اتفاقيات أمنية جديدة تتجاوز ما تم التوصل إليه في اتفاقية أضنة، مما يشير إلى مرحلة جديدة من التعاون الأمني بين البلدين قد تعيد رسم خريطة النفوذ والأمن في سوريا والمنطقة.

سكاي نيوز عربية

مشاركة المقال: