حذرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) من تداعيات الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية، والتي تهدد صادرات عربية غير نفطية إلى السوق الأميركية تقدر قيمتها بـ22 مليار دولار. وأشار الموجز الصادر عن الإسكوا إلى تحولات كبيرة في العلاقات التجارية بين المنطقة العربية والولايات المتحدة، حيث انخفضت الصادرات العربية إلى الولايات المتحدة من 91 مليار دولار في عام 2013 إلى 48 مليار دولار في عام 2024، ويعزى ذلك بشكل أساسي إلى تراجع واردات الولايات المتحدة من النفط الخام والمنتجات البترولية. إلا أن الصادرات غير النفطية من الدول العربية إلى الولايات المتحدة قد تضاعفت تقريباً خلال الفترة ذاتها، إذ ارتفعت من 14 مليار دولار إلى 22 مليار دولار، في مؤشر على تنوع اقتصادي متنامٍ بات الآن مهددًا جراء الإجراءات الحمائية الجديدة.
وذكر التقرير أن دولاً مثل البحرين ومصر والأردن ولبنان والمغرب وتونس ستواجه ضغوطاً اقتصادية كبيرة نتيجة لهذه السياسات، مع اعتبار الأردن الأكثر تضرراً حيث تشكل صادراته إلى الولايات المتحدة نحو 25% من إجمالي صادراته العالمية. وتواجه البحرين تحديات اقتصادية نظراً لاعتمادها الكبير على السوق الأميركية في تصدير الألمنيوم والكيميائيات. كما تواجه دولة الإمارات العربية المتحدة مخاطر كبيرة تهدد سوق إعادة التصدير لديها إلى الولايات المتحدة، والتي تقدر قيمتها بنحو 10 مليارات دولار.
ولفتت الإسكوا إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تواجه ضغوطاً اقتصادية إضافية نتيجة التراجع الكبير في أسعار النفط، ما يفاقم التحديات المالية القائمة. ويتوقع أن تتكبد الدول العربية المتوسطة الدخل أعباء مالية إضافية نتيجة ارتفاع عائدات السندات السيادية، والذي يعكس حالة عدم الاستقرار المالي العالمي الناجم عن السياسات الجمركية الأميركية. وتشير تقديرات الإسكوا إلى أن هذه الدول قد تضطر إلى دفع فوائد إضافية تقدر بنحو 114 مليون دولار في عام 2025.
وأبدت المنظمة قلقها من ضعف الطلب العالمي، خاصة من شركاء تجاريين رئيسيين مثل الصين والاتحاد الأوروبي. ورأت أن هناك فرصاً نتيجة لتحويل مسارات التجارة لمصلحة دول مثل مصر والمغرب، إلا أن تعليق الولايات المتحدة تطبيق الرسوم لمدة 90 يوماً قد يخفف من تلك الفرص. ولتقليل الآثار السلبية المحتملة، توصي الإسكوا بتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي من خلال الإسراع في تنفيذ اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، والاتحاد الجمركي الخليجي، واتفاقية أغادير.
ودعت الإسكوا إلى الانخراط الفاعل مع الولايات المتحدة لإعادة التفاوض على شروط تجارية أكثر ملاءمة، مشددة على أهمية إعادة تموضع الدول العربية ضمن سلاسل القيمة العالمية. وأكدت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي أن المنطقة العربية تقف عند مفترق طرق اقتصادي حاسم، وأن التحديات تتيح فرصة لبناء اقتصادات أكثر مرونة وتنوعاً وتكاملاً.