تواجه محافظة درعا في جنوب سوريا أزمة متفاقمة في قطاع الإنتاج الحيواني، حيث تشهد أعداد الأغنام والأبقار تراجعاً خطيراً نتيجة لنقص حاد في الأعلاف وارتفاع غير مسبوق في أسعارها. ويؤكد مربو الماشية أن هذه الظروف تهدد بخسائر فادحة وتعيق سبل عيش آلاف العائلات التي تعتمد على الثروة الحيوانية، التي تعتبر دعامة أساسية للاقتصاد المحلي.
أرقام رسمية تكشف حجم التراجع
حول حجم التراجع في أعداد الثروة الحيوانية، أوضح فؤاد الحريري، مدير رابطة اتحاد الفلاحين في درعا، لمنصة “سوريا 24″، أن أعداد القطيع في المحافظة تقدر حالياً بـ 616 ألف رأس من الأغنام، و 92 ألف رأس من الماعز، و 39 ألف رأس من الأبقار. وأشار الحريري إلى أن هذه الأعداد في انخفاض مستمر بسبب صعوبة تأمين الأعلاف وارتفاع أسعارها، مضيفاً: “المربي يضطر أحياناً إلى بيع جزء من قطيعه لتغطية تكاليف الغذاء، وهو ما يشكل خطراً على استدامة الثروة الحيوانية”.
خسائر مضاعفة ومعاناة يومية
وفي حديثه عن معاناة المربين، صرح أبو محمد اليوسف لمنصة “سوريا 24” عن أبرز الصعوبات قائلاً: “الفلاحون يعانون من قلة الأعلاف وارتفاع أسعارها بشكل كبير، في وقت تشهد فيه الأسواق انخفاضاً في أسعار الأغنام، ما يضعنا أمام خسائر مزدوجة تهدد استمرار هذه المهنة”.
وفي السياق ذاته، أشار ماهر أبو خروب، صاحب جاروشة أعلاف في المنطقة الجنوبية، إلى أزمة العرض والطلب قائلاً: “الطلب على الأعلاف مرتفع جداً، لكن الكميات المتوفرة قليلة ولا تكفي”. وأوضح أن “غياب الدعم الحكومي والرقابة على الأسعار أدى إلى استغلال بعض التجار للظرف، فرفعوا الأسعار بشكل مبالغ فيه”، محذراً من أن استمرار هذا الواقع يهدد الثروة الحيوانية في المنطقة بالانهيار.
أما المربي أبو قاسم أبو السل من مدينة نوى، فقد عبّر عن مخاوفه من استمرار الوضع الحالي وخساراته المتتالية، وقال لمنصة “سوريا 24”: “الثروة الحيوانية تمر بأسوأ مرحلة منذ سنوات. فمنذ صيف العام الماضي وحتى اليوم أنفقتُ ما يقارب 250 مليون ليرة سورية فقط لتأمين الغذاء لنحو 170 رأساً من الأغنام”. واعتبر أن استمرار الوضع الراهن يهدد حياة المربين ويؤثر في مستقبل الثروة الحيوانية، التي تُعد المصدر الأساسي للرزق بالنسبة إلى سكان المنطقة.
مطالب عاجلة وخطط مطروحة
وفي ما يخص الحلول المطروحة، أوضح مدير اتحاد الفلاحين في درعا أن الاتحاد يعمل مع الوزارات المعنية لتأمين الأعلاف بعيداً عن احتكار التجار، وطالب “المنظمات الدولية بالتدخل العاجل لتأمين الأدوية والأعلاف اللازمة، والمساهمة في الحفاظ على الثروة الحيوانية في المحافظة”. كما دعا إلى مبادرات توعوية بالتعاون مع مديريات الزراعة لتشجيع المزارعين على زراعة محاصيل رعوية جديدة مناسبة لطبيعة المنطقة، وطالب في ختام حديثه بـ “التنسيق للحد من الرعي الجائر وحماية الغابات عبر تخصيص مناطق محددة للرعي”.
خطر يهدد قطاعاً حيوياً
ويجمع المربون والخبراء على أن استمرار الأزمة من دون تدخل سريع سيؤدي إلى انهيار قطاع الإنتاج الحيواني في درعا، ما سينعكس سلباً على الأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي في جنوب سوريا. ويؤكدون أن إنقاذ هذا القطاع يتطلب تحركاً عاجلاً من الجهات الرسمية والمنظمات الإنسانية، لتأمين الأعلاف بأسعار مناسبة وضمان استمرار دورة الإنتاج الحيواني.