الإثنين, 23 يونيو 2025 11:09 PM

ذعر في لبنان بعد تحذيرات أمريكية من تصعيد إقليمي محتمل

خيم جو من القلق على الساحة السياسية اللبنانية بعد التطورات الأخيرة، بما في ذلك العدوان الإسرائيلي على إيران والانخراط المباشر للولايات المتحدة في الحرب. يتخوف اللبنانيون من تداعيات هذه الحرب وتأثيرها المحتمل على المنطقة بأسرها. في المقابل، يراقب الجميع موقف حزب الله، ببعديه العسكري والأيديولوجي، خاصة في ظل عدم وجود إجابات واضحة.

في ظل هذا التصعيد، أعلنت السفارة الأميركية في لبنان عن توجيه وزارة الخارجية الأمريكية بمغادرة أفراد عائلات الموظفين الحكوميين الأميركيين غير الأساسيين من لبنان، بسبب الحرب الدائرة. وذكر بيان السفارة أن هذا الإجراء يأتي نظراً إلى الوضع الأمني المتقلب وغير المتوقع في المنطقة، وأصدرت وزارة الخارجية تحذيراً من المستوى الرابع: "عدم السفر" إلى لبنان.

أثارت هذه الخطوة بلبلة في بيروت. ورغم القلق الأميركي من ردود الفعل الإيرانية المحتملة في الخليج ولبنان وحتى داخل الولايات المتحدة، إلا أن بيان السفارة في بيروت لا يعكس إجراءات أميركية جادة ناتجة عن مخاوف ثابتة، بل يبدو القرار الأميركي في إطار الإجراءات الاحترازية البروتوكولية. وقد سبقت ذلك إجراءات مماثلة في سفارات الولايات المتحدة الأميركية في الخليج العربي خلال اليومين الماضيين وقبل الهجوم الأميركي على إيران، ولا سيما في قطر والإمارات.

حتى وقت متأخر من الليلة الماضية، لم تدفع هذه التحذيرات السفارات الغربية الحليفة للولايات المتحدة في لبنان إلى إصدار بيانات مماثلة أو اتخاذ إجراءات فعلية، علماً أن السفارات الغربية في بيروت لم تخرج بعد من بعض الإجراءات التي اتخذتها قبل الحرب على لبنان في أيلول من العام الماضي، بما في ذلك عدم إحضار الدبلوماسيين بعائلاتهم والاكتفاء بالموظفين الأساسيين مع تخفيف قيود السفر على المواطنين، مع الالتزام بتحذيرات بعدم زيارة مناطق لبنانية معينة.

أكدت مصادر دبلوماسية أن الدول المعنية تراقب الأوضاع وستستمر في ذلك خلال الـ 48 ساعة المقبلة لمواكبة التطورات. وأكدت مصادر دبلوماسية بارزة أن الأوضاع في لبنان حتى الآن لا تدعو إلى القلق، وأن التنسيق العالي بين الأطراف اللبنانية والمجتمع الدولي مطمئن، حيث وصلت عدة رسائل تؤكد أن لبنان غير معني بالتصعيد وأن اللبنانيين متفقون على ذلك.

وقالت مصادر أخرى إن عمليات الإجلاء الأميركية، والتي تضم موظفين حتى الآن، لا تشير إلى ارتفاع جدي في المخاطر، وأنه حتى لو حصل تدهور في الأوضاع فلن تحصل عمليات إجلاء واسعة، وسياسة التشجيع على السفر التجاري لا تزال مستمرة.

من جهة ثانية، أكدت مصادر أن السفارة البريطانية في بيروت لم تعدل أي شيء في تعليمات السفر للمواطنين والدبلوماسيين في لبنان، وأن السفارة تواكب الأوضاع.

وعليه، يتجه المشهد في لبنان نحو مرحلة بالغة الحساسية نتيجة اقتراب المسار العسكري التصاعدي في المنطقة من محطة مفصلية في رسم سيناريوهات المستقبل القريب، حيث يتصرف كثيرون على أساس أن الحرب أصبحت أمراً واقعاً، ولم يعد بإمكان أحد التكهن في ما يمكن أن تؤول إليه الأمور، وسط نشاط سياسي لمعرفة التأثيرات المحتملة للضربة الأميركية، بالتزامن مع مشاورات رسمية بين رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، تؤكد تجنيب لبنان تداعيات الأوضاع الراهنة بعد التصعيد الإيراني – الأميركي، وقصف المنشآت النووية الإيرانية.

وقال عون، في بيان، إن التصعيد الأخير للمواجهات الإسرائيلية – الإيرانية والتطورات المتسارعة التي ترافقها، ولا سيما قصف المنشآت النووية الإيرانية، من شأنه أن يرفع منسوب الخوف من اتساع رقعة التوتر على نحو يهدد الأمن والاستقرار في أكثر من منطقة ودولة، الأمر الذي يدفع إلى المطالبة بضبط النفس، وإطلاق مفاوضات بناءة وجدية لإعادة الاستقرار إلى دول المنطقة، وتفادي مزيد من القتل والدمار، ولا سيما أن هذا التصعيد يمكن أن يستمر طويلاً، مؤكداً أن لبنان، قيادة وأحزاباً وشعباً، مدرك اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أنه دفع غالياً ثمن الحروب التي نشبت على أرضه وفي المنطقة، وهو غير راغب في دفع المزيد، ولا مصلحة وطنية في ذلك، ولا سيما أن تكلفة هذه الحروب كانت وستكون أكبر من قدرته على الاحتمال.

أما سلام فأعلن أنه أجرى اتصالاً مع الرئيس عون، تم خلاله البحث في التطورات الخطيرة التي تمر بها المنطقة، وانعكاساتها المحتملة على لبنان، مشيراً إلى أنه جرى الاتفاق على إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة بين الجانبين، والعمل المشترك لتجنيب لبنان تداعيات هذه الأوضاع، وتغليب المصلحة الوطنية العليا، والحفاظ على وحدة الصف والتضامن الوطني.

من جهته، أصدر حزب الله بياناً أدان فيه العدوان الأميركي الهمجي الغادر على المنشآت النووية السلمية في ‏الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والذي يكشف الوجه الحقيقي للولايات المتحدة الأميركية كأكبر تهديدٍ ‏للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، معتبراً أن الإدارة الأميركية أرادت من خلال هذا العدوان الإجرامي أن تُحقّق ما عجز الكيان الصهيوني عن ‏إنجازه، مع التأكيد على تضامننا الكامل مع الجمهورية الإسلامية، قيادةً وشعباً، وكلنا ثقة في قدرة إيران القوية بحقّها ‏ونموذج قيادتها الصلبة والشجاعة، وشعبها المعطاء والعزيز، وحرس ثورتها وقواها الأمنية ‏والعسكرية اليقظة والمضحّية، على مواجهة هذا العدوان.

رجّي يهرب من إدانة العدوان من جانبه، قلّل وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي مرة أخرى من شأن ما يمثّله على المستوى الرسمي، فقرّر أنه غير معنيّ بالمشاركة في الاجتماع الطارئ لمنظمة المؤتمر الإسلامي الذي انعقد الجمعة الفائت في مدينة إسطنبول التركية، لمناقشة العدوان الإسرائيلي على إيران، وأوفد سفير لبنان في أنقرة غسان المعلم بدلاً عنه.

ووفقاً لمصادر مطّلعة، فإن رجّي تقصّد عدم المشاركة شخصياً، لتوقّعه أن يخرج عن الاجتماع موقف تضامني مع إيران، يُدين الاعتداء الإسرائيلي عليها، مع العلم أن رئيسَي الجمهورية والحكومة أدانا العدوان، وأعربا عن تضامن لبنان الكامل مع إيران. كما يشار إلى أن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني شارك في الاجتماع الوزاري، رغم العلاقة السيئة بين الإدارة السورية الجديدة وإيران. وكان البيان الذي صدر عن الاجتماع قد أكّد ضرورة وقف الهجمات الإسرائيلية، لما تشكّله من خرق واضح للقانون الدولي وتهديد لأمن المنطقة.

مشاركة المقال: