الثلاثاء, 19 أغسطس 2025 12:19 AM

سوريا تواجه أزمة قمح حادة تهدد الأمن الغذائي.. تفاصيل التحديات الحكومية لتأمين الإمدادات

سوريا تواجه أزمة قمح حادة تهدد الأمن الغذائي.. تفاصيل التحديات الحكومية لتأمين الإمدادات

تواجه سوريا انخفاضًا حادًا في إنتاج الغذاء، وخاصة القمح، نتيجة لموجة الجفاف الشديدة التي ضربت البلاد خلال الشتاء الماضي، مما يهدد أمنها الغذائي بشكل كبير.

أدى أسوأ جفاف منذ 36 عامًا إلى انخفاض إنتاج القمح بنحو 40%، مما زاد الضغط على الحكومة التي تعاني بالفعل من نقص في السيولة، وعجزت عن تأمين مشتريات كبيرة، وفقًا لـ "رويترز".

حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، في ردوده على أسئلة من الوكالة، من أن حوالي ثلاثة ملايين سوري قد يواجهون خطر الجوع الشديد، دون تحديد إطار زمني، مشيرًا إلى أن أكثر من نصف السكان البالغ عددهم حوالي 25.6 مليون نسمة يعانون حاليًا من انعدام الأمن الغذائي.

في تقرير صدر في يونيو/حزيران، قدرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) أن سوريا ستواجه نقصًا في القمح يبلغ حوالي 2.73 مليون طن هذا العام، وهو ما يكفي لإطعام حوالي 16 مليون شخص لمدة عام كامل.

تبذل الحكومة السورية جهودًا حثيثة لحشد الدعم الدولي لشراء كميات كبيرة من القمح، الذي يعتبر أهم محصول في سوريا وأساس برنامج الخبز المدعوم من الدولة، بالإضافة إلى كونه غذاءً رئيسيًا على موائد السوريين.

في حديث مع "رويترز"، أكد مسؤول سوري وثلاثة تجار وثلاثة من موظفي الإغاثة ومصدرين من القطاع على دراية مباشرة بجهود شراء القمح، على ضرورة زيادة الواردات والتمويل لمواجهة العجز الوشيك.

وقال المسؤول الحكومي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن الحكومة الجديدة اشترت 373500 طن فقط من القمح من المزارعين المحليين هذا الموسم، وهو ما يمثل حوالي نصف كمية العام الماضي. وأضاف المصدر أن الحكومة تحتاج إلى استيراد حوالي 2.55 مليون طن هذا العام، لكن دمشق لم تعلن حتى الآن عن أي صفقات كبيرة لاستيراد القمح وتعتمد على شحنات صغيرة تبلغ نحو 200 ألف طن إجمالا من خلال عقود مباشرة مع مستوردين محليين، حسبما قال المصدران بالقطاع، اللذان طلبا عدم نشر اسميهما بسبب حساسية الأمر.

وقال طوني العتل ممثل الفاو في سوريا للوكالة: "نصف السكان مهددون بالمعاناة من الجفاف خاصة عندما يتعلق الأمر بتوفر الخبز وهو الغذاء الأكثر أهمية خلال الأزمة".

لم تتلق سوريا حتى الآن سوى مساعدات طارئة محدودة، منها 220 ألف طن من القمح من العراق و500 طن من الدقيق (الطحين) من أوكرانيا.

تظهر بيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) أن سوريا تستهلك حوالي أربعة ملايين طن من القمح سنويًا، ومن المتوقع أن ينخفض الإنتاج المحلي إلى حوالي 1.2 مليون طن هذا العام، بانخفاض 40 بالمئة عن العام الماضي.

قال نزيه الطرشة الذي تمتلك عائلته ستة هكتارات من الأراضي في محافظة حمص منذ عام 1960 "هذا أسوأ عام منذ أن بدأت في الزراعة".

ولم يحصد عباس عثمان، وهو مزارع قمح من القامشلي وهي جزء من منطقة سلة الخبز السورية في محافظة الحسكة بشمال شرق البلاد، حبة قمح واحدة، وقال لرويترز "زرعنا 100 دونم (10 هكتارات) ولم نحصد شيئا".

وذكرت الفاو أن 40 بالمئة فقط من الأراضي الزراعية زرعت هذا الموسم، وأتلف الجفاف الكثير منها لا سيما في المناطق الرئيسية المنتجة للغذاء مثل الحسكة وحلب وحمص.

وأكد المصدر الرسمي أن الحكومة شجعت المزارعين المحليين على بيع ما أنقذوه من محاصيلهم بسعر 450 دولارا للطن، أي ما يزيد بنحو 200 دولار للطن عن سعر السوق.

وقال الطرشة المزارع من حمص "عندما يكون المحصول جيدا، يمكنني بيع حوالي 25 طنا للحكومة من 10 هكتارات، لكنني تمكنت هذا العام من بيع ثمانية أطنان فقط". وأضاف "اضطررت إلى إطعام الباقي لماشيتي لأنه غير صالح للاستهلاك البشري"، وعبر عن أمله في هطول المزيد من الأمطار في ديسمبر كانون الأول مع انطلاق موسم الزراعة الجديد.

كانت سوريا تنتج ما يصل إلى أربعة ملايين طن من القمح وتصدر حوالي مليون طن منها، قبل عام 2011.

وتقدر وزارة الزراعة الأمريكية أن سوريا ستحتاج إلى استيراد كمية قياسية من القمح تبلغ 2.15 مليون طن في موسم 2025-2026 بزيادة قدرها 53 بالمئة عن العام الماضي.

ومع ذلك، لم تعلن بعد المؤسسة العامة لتجارة وتخزين وتصنيع الحبوب، (السورية للحبوب)، وهي الوكالة الرئيسية لشراء الحبوب في سوريا، عن استراتيجية جديدة للمشتريات، وذكر مصدران مطلعان أن واردات القمح تواجه تأخيرات في سداد قيمتها بسبب الصعوبات المالية على الرغم من رفع العقوبات.

لم تقيد العقوبات الغربية المفروضة على سوريا في عهد الأسد واردات الغذاء، لكن القيود المصرفية وتجميد الأصول جعلت من الصعب على معظم الشركات التجارية التعامل مع دمشق.

وقالت مصادر إن روسيا، أكبر مصدر للقمح في العالم كانت داعمة قوية للرئيس المخلوع، ومثلت موردا ثابتا لكنها أوقفت الإمدادات إلى حد كبير منذ ديسمبر كانون الأول.

مشاركة المقال: