ما عاد في مجال للمزاودات ولا لأصوات تتهم وتخوّن بعضها البعض، من بقي في الداخل السوري زمن النظام لم يكن في نزهة إطلاقاً، بل كان جالساً فوق حقل ألغام…!
نعم كنا نخاف من كل شيء: من الحاجز، من الهاتف، من كلمة تُقال دون قصد، من نقرة على باب في منتصف الليل، من سؤال عابر بالنهار عن سعر الدولار.. كأننا نعيش في مسرح من الرعب… الخطأ فيه لا يُغتفر حتى لو كان وهميًا .!
خرجنا من بيوتنا مرارًا ولا ندري هل نعود إليها أم لا… لم يكن أحدٌ آمنًا، لا المثقف ولا البسيط، لا الكبير ولا الصغير.. وكل من عاش هذه المرحلة يدرك أن النجاة كانت محضَ عناية إلهية.
واليوم … وبعد كل هذا الألم آن لنا أن نطوي صفحة الاتهام والتخوين، فما عاد الوقت يحتمل لغة "أنا كنت وأنتم كنتم"..!! لسنا في ساحة تنافس بل في ساحة بناء.
نعم .. يجب أن يُحاسب المجرمون بالتأكيد، كل من قتل أو ظلم أو خان، ولكن بالقانون والعدل لا بالانتقام والتشهير.
فلنلتفت معًا إلى الغد…
سوريا التي نحلم بها لا تُبنى بالضغائن، بل بالإنسان والعمران .. سوريا التي نريدها تحتاج إلى صدور واسعة وقلوب مؤمنة بأن المستقبل يصنعه الصادقون لا الصاخبون.
كفى مزايدة… ولنبدأ الطريق معًا فالوطن يتسع للجميع، ما دام الحق هو الحَكم، وما دام البناء هو الغاية.