غزوان قرنفل: "أذن من طين وأخرى من عجين"، مثل يصف من يرفض سماع أي شيء يخالف أفكاره المتعصبة. هذا هو حال السلطة الحالية، التي بدت في البداية وكأنها تستمع وتستجيب لآراء الناس وانتقاداتهم.
لكن، سرعان ما يصاب البعض بالتوتر لمجرد انتقاد قرار حكومي أو التنبيه إلى تجاوزات قانونية أو أخطار سياسات معينة. الردود تكون قاسية، وتهديدات تطال الشرف، وكلام لا يليق بمن يدعي التدين.
المثير للدهشة أن معظم هؤلاء المنتقدين لا يناقشون مضمون الانتقاد، بل يكتفون بالهجوم الشخصي، وكأن السلطة أصبحت "إلهًا جديدًا" لا يجوز المساس به. هل نحن أمام "شبيحة" جدد يجلدون العقول والأفكار لأنها تخالف معتقداتهم؟
للأسف، نعم، نحن أمام جائحة عبدة أصنام يرفضون التغيير بحجة اتباع تقاليد الآباء. ويزيد الطين بلة تحول بعض المقربين إلى مدافعين عن السلطة، يطلبون من المنتقدين الانضمام إليهم في "إعادة بناء البلد"، وكأن تلميع صورة السلطة هو الإسهام الأهم.
السؤال الآن: هل نستطيع أن نزيل الطين والعجين عن أذني السلطة لنقول لها إن مصير سوريا كدولة وشعب على المحك؟ وأن سياساتها الحالية ستقودنا إلى كارثة ما لم تستبدل البوصلة الدينية والجماعاتية بالبوصلة الوطنية؟
هل يمكن أن تدرك السلطة، قبل فوات الأوان، أن المواطنة المتساوية والشراكة الوطنية المتساوية هما الدرع الواقي الوحيد لسلامة سوريا؟ وهل تدرك أن زمن الحكم القائم على التحكم قد ولى، وأن توسيع قاعدة الشراكة وتوزيع الثروة بشكل عادل هما الضمانة الحقيقية لوحدة البلاد؟
إن استعادة الشعب لجزء من سلطاته عبر مجالس حكم منتخبة لا يعتبر اعتداء على السلطة، بل استردادًا لصلاحيات لم يعد يقبل الناس بمنحها. فالشعب هو مصدر السلطات.
هل تعي السلطة الحالية، المصابة بلوثة "تدوير النفايات" من القتلة والمجرمين، أنها بتجاهل حقوق الضحايا والناجين ستدمر أي فرصة لتدعيم السلم الأهلي؟
قد يبدو ما قيل مكررًا، ولكننا سنستمر في الكلام، وسيصل صوتنا لتلك الآذان المغطاة بالطين والعجين. فآذان السلطة وجدت لتنصت لصراخ الناس، وأما الطين والعجين فلا يصلحان إلا لتنور وخبز يسدان رمق الجائعين.