في ظل الفوضى التي تشهدها السوق العقارية السورية وارتفاع أسعار العقارات وتكاليف البناء، الأمر الذي يجعل حلم امتلاك مسكن لائق بعيد المنال، يجد المواطن العادي نفسه تائهاً في أزمة سكن مستمرة، مما يضطره إلى تحمل أعباء الإيجارات المرتفعة.
لم يتم الترخيص النهائي لأي شركة تمويل عقاري لتاريخه
أوضحت مدير عام هيئة الإشراف على التمويل العقاري، انتصار ياسين، في تصريح لصحيفة "الحرية"، أن الظروف الاقتصادية قبل التحرير حالت دون الترخيص لأي شركة تمويل عقاري، وذلك لأسباب منها العقوبات الاقتصادية وانخفاض قيمة الليرة وتذبذب سعر الصرف. وأشارت إلى أنه بعد التحرير، ومع تحسن الظروف الاقتصادية وارتفاع قيمة الليرة السورية، ودخول الاستثمارات الدولية والعربية والمحلية وتعديل السياسة الضريبية، سينعكس ذلك إيجاباً على دور هيئة الإشراف على التمويل العقاري، وسيساهم في ترخيص شركات التمويل العقاري وتفعيل دورها في مرحلة إعادة الإعمار، مع العلم أنه لا يوجد حتى الآن ترخيص نهائي لأي شركة تمويل عقاري، باستثناء بعض الطلبات الأولية والاستفسارات من المستثمرين حول تفاصيل ترخيص هذه الشركات.
الخطة القادمة
وفقاً لياسين، تتركز خطة الهيئة المستقبلية على تفعيل دور التقييم العقاري وتحديث معاييره لضمان دقة التقييمات ومنع الممارسات غير المنضبطة التي تؤثر على استقرار السوق. كما تهدف الخطة إلى دعم إعادة الإعمار من خلال التركيز على تمويل مشاريع الإسكان في المناطق المتضررة، بالتعاون مع المؤسسات والمنظمات العربية والدولية، بالإضافة إلى تطوير أنظمة الرقابة والمتابعة لضمان شفافية وسلامة عمليات التمويل العقاري وحماية جميع الأطراف المعنية.
الضمان العقاري
تعتمد جميع المصارف التي تمول شراء عقارات سكنية أو تجارية أو صناعية أو خدمية آلية تمويل يعتبرها المواطن معقدة، خاصة فيما يتعلق بالرهن العقاري. فكيف يمكن لشخص يرغب في شراء عقار أن يُطلب منه رهن عقار آخر كضمانة مصرفية، مما يجعل الحلم مستحيلاً؟
في هذا السياق، أكدت انتصار ياسين أن دراسة القوانين وتعديلها يهدف إلى تسهيل إجراءات منح التمويل العقاري قدر الإمكان، مع الإشارة إلى أن التمويل العقاري ينطوي على مخاطر مرتفعة كونه طويل الأجل، وبالتالي من الضروري وجود ضمانات لحفظ حقوق الجهات المانحة للتمويل. وأشارت إلى أن إحداث صندوق الضمان العقاري ذي طابع تعاوني غير ربحي، والذي يمارس مهامه تحت رقابة الهيئة، سيوفر الضمانات المالية وتغطية المخاطر ويسهل عملية التمويل في قطاع العقارات، وفق سياسات محددة لذوي الدخل المحدود ولمناطق محددة.
عدم وجود مشاريع سكنية جديدة وخضوعها للعرض والطلب جعل أسعارها مرتفعة جداً
الأعلى والأغلى
لا يزال السكن والعقار في سوريا الأغلى عالمياً، ويعود ذلك إلى ندرة المعروض بسبب الدمار الكبير في القطاع السكني خلال الحرب، كما أوضحت مدير عام الهيئة. بالإضافة إلى عدم وجود مشاريع سكنية جديدة وخضوع سوق العقارات للعرض والطلب، مما يجعل أسعار العقارات مرتفعة جداً، خاصة في مراكز المدن والمناطق المخدمة. كما يساهم ارتفاع تكاليف العقارات والبناء وأسعار مواد البناء وأجرة اليد العاملة ووجود سيولة نقدية كبيرة في السوق العقارية، دون استخدامها في استثمارات منتجة، في المضاربات العقارية.
ومع الانتظار والاستعدادات لإطلاق شرارة البدء بإعادة الإعمار والتنظيم العمراني، تشير ياسين إلى أنه سيتم التنسيق مع جميع الجهات ذات العلاقة بإعادة الإعمار، مثل وزارة الإسكان والمؤسسة العامة للإسكان ووزارة الإدارة المحلية، والمنظمات الدولية، بهدف تقديم كل الإمكانيات وخبرات الهيئة فيما يخص ذلك. وفي حال ترخيص شركات تمويل عقاري وإحداث الصناديق العقارية، سيكون الهدف الأساسي هو العمل على تأمين التمويل العقاري الكافي لإعادة الإعمار والتنظيم العمراني.
وختاماً، ومع الحق المشروع لأي مواطن بامتلاك سكن ثابت يريحه من الإيجارات العالية والتنقل المستمر، تأمل ياسين في ظل توجه الهيئة نحو تطوير وتوسيع عملها في المرحلة القادمة المتسمة بالانفتاح الاقتصادي العربي والدولي، والمساعدات الدولية ورفع العقوبات الاقتصادية وإعادة دراسة جميع القوانين، أن يتوفر التمويل العقاري الميسر لجميع فئات المجتمع، ولاسيما أصحاب الدخل المحدود والأسر المحتاجة والشباب.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية