الثلاثاء, 5 أغسطس 2025 04:09 PM

غموض في دير الزور: مصير مقاتلين محليين بعد انسحاب الفصائل الإيرانية يثير قلق السكان

غموض في دير الزور: مصير مقاتلين محليين بعد انسحاب الفصائل الإيرانية يثير قلق السكان

عمر عبد الرحمن – دير الزور

بعد سنوات من النفوذ القوي للفصائل الموالية لإيران في محافظة دير الزور بشرق سوريا، شهدت المنطقة تحولات كبيرة عقب انهيار سيطرة نظام الأسد وانسحاب تلك الفصائل. هذا الانسحاب أثار تساؤلات وقلقاً بين السكان حول مصير الآلاف من المقاتلين المحليين الذين كانوا جزءاً من هذه الفصائل.

في عام 2017، دخلت إيران إلى الضفة الغربية لنهر الفرات في دير الزور، بهدف دعم القوات الحكومية في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”. بسطت إيران نفوذها عبر قوات من الحرس الثوري الإيراني وفصائل مدعومة منه، وسيطرت على مناطق واسعة تمتد من مدينة دير الزور وصولاً إلى بلدة البوكمال الحدودية مع العراق، بالإضافة إلى سبع قرى تقع شرق نهر الفرات.

“بعضهم هربوا إلى العراق”

أحمد الأحمد، وهو اسم مستعار لعنصر سابق في الفصائل الإيرانية، يقول: “كنت مطلوباً للأفرع الأمنية للنظام، وكان التجنيد يتم إما بالترهيب أو بالمال”. وأضاف “الأحمد” لنورث برس: “كنت أتلقى منهم 150 دولارًا شهريًا، وهو مبلغ كبير في ظل الحرب”. وتابع: “عندما بدأ الانهيار، تلقت قياداتنا الإيرانية أوامر بالتشتت، وبعض الذين أعرفهم فروا إلى العراق عبر طرق التهريب في الصحراء السورية العراقية”.

ويشير العنصر السابق إلى أن العديد من العناصر الذين كانوا معه في الفصيل ما زالوا موجودين في المنطقة، ويراهم بشكل يومي، لكنهم نادرًا ما يغادرون الأماكن أو المنازل التي يختبئون فيها. وأكد أن القيادات الإيرانية هربت بالسيارات الخاصة إلى العراق، تاركين العناصر المحلية يواجهون مصيرهم.

بينما تمكن عدد قليل منهم من الفرار إلى الأراضي العراقية، ألقت قوات الأمن العام القبض على عدد محدود منهم. يبقى السؤال المطروح: أين هم الآن؟ هل ما زالوا متخفين في المنطقة أم أنهم اختفوا تماماً عن الأنظار؟

“غيروا هوياتهم”

مصدر عسكري من مديرية الأمن العام في دير الزور، طلب عدم الكشف عن هويته، صرح لنورث برس قائلاً: “اعتقلنا ما يقارب 500 عنصر من الفصائل الإيرانية منذ سقوط النظام السابق، بمن فيهم بعض القيادات المتوسطة والصغيرة”. وأضاف أن المعلومات المتوفرة لديهم تشير إلى أن 35 بالمائة منهم هربوا إلى العراق، و30 بالمائة يعيشون في المجتمع بعد تغيير هوياتهم، بينما يشكل الباقون خلايا نائمة تدير عمليات انتقامية وتنتظر أي فراغ أمني لشن هجمات.

وتابع المصدر: “نحن نعمل مع دول الجوار لملاحقة الهاربين، لكن من السهل على العناصر التخفي في دير الزور لأسباب عديدة، منها الحماية العشائرية للمتورطين، وضعف الجهاز الاستخباراتي، بالإضافة إلى الظروف الصعبة التي تمر بها دير الزور”.

وبحسب المصدر العسكري، فإن الروايات المتضاربة بين السكان والنظام والمتورطين السابقين ترسم صورة معقدة؛ فالبعض تحولوا إلى أشباح في العراق، وآخرون يتحركون كظلال بين المدنيين، بينما وقع عدد قليل منهم في قبضة القانون.

قلق وخوف مستمر

محمد زين، وهو تاجر محلي من سكان دير الزور، يقول لنورث برس: “في السابق، كنا نعيش تحت ضغط دائم، والعديد من العائلات فقدت أبنائها بسبب المعارك. الآن، وبعد رحيلهم، نشعر ببعض الأمل، لكننا لا نعرف إلى أين ذهبوا”.

ويضيف “زين”: “سياراتهم المدرعة كانت تطارد الشباب للانضمام إليهم، واليوم أصبحوا أشباحًا. رأيت بعيني مجموعة منهم يحرقون وثائقهم ليلاً بين منازل المدنيين قبل أن يختفوا، والخوف لا يزال يسيطر علينا، هل سيعودون؟”.

أما أحمد الصادق، من سكان مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي، فيقول لنورث برس: “تحولت مدارسنا إلى ثكنات عسكرية ومستشفياتنا إلى مراكز اعتقال. اليوم، نخشى الانتقام، فبعض من تعاون معهم ما زالوا بيننا، يغيرون ملامحهم وينكرون ماضيهم”. ويضيف أنهم “كانوا يملؤون الشوارع والحارات، ونسمع تصريحات يومية للحكومة الجديدة باعتقال فرد أو فردين، ولكن أين ذهب 18,000 مقاتل؟ هل من المعقول أنهم اختفوا؟”.

ووفقاً لتقرير صادر عن إذاعة “صوت أميركا” في عام 2015، أفادت إحدى وسائل الإعلام التابعة لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية أن لواء فاطميون تمت ترقيته من لواء إلى فرقة، مما يشير إلى أنه كان لديه ما بين 10 آلاف و20 ألف جندي. وحسب التقرير في عام 2018، قال مسؤول في لواء فاطميون إن ألفين من مقاتليهم قُتلوا وجُرح 8 آلاف. ويقول سكان محليون في دير الزور إنهم لن يكونوا بمأمن حتى معرفة مصير هؤلاء المقاتلين.

تحرير: خلف معو

مشاركة المقال: