الأحد, 27 يوليو 2025 09:54 AM

محكمة التمييز الفرنسية تسقط مذكرة التوقيف بحق بشار الأسد: تفاصيل القضية وتداعياتها المحتملة

محكمة التمييز الفرنسية تسقط مذكرة التوقيف بحق بشار الأسد: تفاصيل القضية وتداعياتها المحتملة

قضت محكمة النقض الفرنسية، وهي أعلى محكمة في البلاد، اليوم الجمعة، بإلغاء مذكرة الاعتقال الصادرة بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد. وتأتي هذه الخطوة بعد مذكرة توقيف أصدرها القضاء الفرنسي في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، تتهم الأسد بالتواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، على خلفية هجمات كيميائية نُسبت إلى القوات السورية خلال فترة حكمه.

الأسد متهم بشن هجمات كيميائية في العام 2013 خلال الحرب في سوريا، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص. ومن المقرر أن تعقد المحكمة جلسة استماع علنية عند الساعة الثالثة عصراً (13,00 ت غ)، وسيتم بثها مباشرة عبر الإنترنت، لتحديد الاستثناءات المحتملة للحصانات الممنوحة للمسؤولين الأجانب المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.

ويرى ناشطون حقوقيون أن تأكيد محكمة التمييز على عدم تمتع الأسد بالحصانة، نظراً لخطورة الاتهامات الموجهة إليه، قد يرسخ سابقة بالغة الأهمية في القانون الدولي تسمح بمحاسبة مجرمي الحرب. في المقابل، إذا بررت المحكمة قرارها بشأن صلاحية المذكرة بأن فرنسا لم تكن تعتبر الأسد حاكماً شرعياً عند وقوع الجرائم المنسوبة إليه، فلن يكون للقرار نفس التأثير.

يذكر أن الهجمات وقعت في الرابع والخامس من آب/أغسطس 2013 في عدرا ودوما قرب دمشق، وأسفرت عن إصابة 450 شخصاً. كما طالت هجمات مماثلة في 21 من الشهر نفسه الغوطة الشرقية ومعضمية الشام (الغوطة الغربية) قرب دمشق، وأوقعت أكثر من ألف قتيل، وفقاً لإحصائيات واشنطن وناشطين آنذاك.

السلطات السورية نفت أي ضلوع لها في الهجمات بالغاز وألقت بالمسؤولية على الثوار. وتناول القضاء الفرنسي القضية عملا بمبدأ “الاختصاص العالمي” الذي يتيح الملاحقة القضائية عن جرائم خطيرة بغض النظر عن مكان ارتكابها. وأجرى قضاة التحقيق في وحدة الجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس القضائية تحقيقاً منذ عام 2021 بشأن التسلسل القيادي الذي أدى إلى الهجمات الكيميائية، ما أدّى إلى إصدار أربع مذكرات توقيف بحق بشار الأسد وشقيقه ماهر، القائد الفعلي للفرقة الرابعة، بالإضافة إلى ضابطين هما غسان عباس وبسام الحسن. وطعنت النيابة العامة لمكافحة الارهاب بمذكرة التوقيف بحق الرئيس السوري ولكن ليس تلك الصادرة بحق الثلاثة الآخرين.

وتستند التحقيقات بين أمور أخرى، إلى الصور ومقاطع الفيديو والخرائط المقدمة من الأطراف المدنيين وشهادات ناجين ومنشقين عن الوحدات الأمنية والعسكرية. ومن بين الأطراف المدنيين في القضية، ضحايا يحملون جنسية مزدوجة فرنسية-سورية والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير ومبادرة العدالة في المجتمع المفتوح ومبادرة الأرشيف السوري ومدافعون عن الحقوق المدنية.

في حزيران/يونيو 2024، أيّدت محكمة الاستئناف في باريس مذكرة التوقيف. وتقدّمت النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب بالدرجة الأولى، ثم النيابة العامة الاستئنافية، بطلبات استئناف بناء على الحصانة المطلقة أمام المحاكم الأجنبية التي يتمتع بها رؤساء الدول ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية أثناء توليهم مناصبهم. وخلال جلسة استماع في الرابع من تموز/يوليو، اقترح المدّعي العام لدى محكمة التمييز ريمي هيتز الإبقاء على مذكرة التوقيف. وهو كان طعن سابقاً بمطالعة محكمة الاستئناف التي اعتبرت أنّ هذه الجرائم “لا يمكن اعتبارها جزءاً من الواجبات الرسمية لرئيس الدولة”، معتبرة أنّ “الحصانة الشخصية كانت قائمة” بموجب قرار صادر عن محكمة العدل الدولية في العام 2002. ولكن النائب العام اقترح لاحقاً على المحكمة “مساراً ثالثاً”، مستبعدا حصانة بشار الأسد الشخصية، على اعتبار أنّه منذ العام 2012 لم تعد فرنسا تعدّه “رئيساً شرعياً للدولة” في ضوء “الجرائم الجماعية التي ارتكبتها السلطات السورية”.

يذكر أنه تمت الإطاحة بالأسد في كانون الأول/ديسمبر 2024 وفرّ إلى روسيا. وإذا قرّرت محكمة التمييز إلغاء مذكرة التوقيف، يمكن لقضاة التحقيق إصدار مذكرة جديدة. ولكن يمكن للأسد عندها الاعتماد على الحصانة الوظيفية الممنوحة لوكلاء الدول الأجنبية ربطا بأفعال مرتكبة أثناء ممارستهم مهماتهم.

(وكالات)

مشاركة المقال: