الثلاثاء, 20 مايو 2025 12:31 AM

مصياف تنتخب مجلسها الأهلي: خطوة نحو الديمقراطية المحلية في ريف حماة

مصياف تنتخب مجلسها الأهلي: خطوة نحو الديمقراطية المحلية في ريف حماة

في خطوة لافتة، أُعلن في مدينة مصياف بريف حماة عن تشكيل "مجلس مصياف الأهلي"، وذلك بعد انتخابات حرة وشفافة شهدت مشاركة واسعة من أهالي المدينة. شارك في الانتخابات 138 شخصًا يمثلون مختلف الفئات الاجتماعية والدينية والاقتصادية والمهنية، وذلك بعد أشهر من التحضيرات والمباحثات بين الناشطين والفاعليات المحلية، بهدف إنشاء هيئة تمثيلية تعكس التنوع المجتمعي للمدينة وتسعى لخدمة قضاياها وتعزيز السلم الأهلي.

جلسة تأسيسية موسّعة وانتخابات نزيهة

انتخبت اللجنة التحضيرية 164 شخصاً لحضور الجلسة التأسيسية الأولى، وقد حضر منها 138 فرداً يمثلون مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية. بدأت الجلسة بتقديم 35 مرشحاً للعضوية، قبل أن ينسحب اثنان منهم، ليتم البدء بعملية تصويت مباشرة وشفافة، تمت تحت رقابة عدد من الحاضرين وبإشراف لجان فرز مؤقتة. استمرت عملية الفرز حوالي ساعة ونصف، وأسفرت عن اختيار 15 عضواً في المجلس الجديد.

ترحيب بالتجربة الديمقراطية وسط آمال كبيرة

عبّر المشاركون عن سعادتهم البالغة بإجراء أول انتخابات ديمقراطية في حياتهم، بعد عقود من الاستبداد الذي حرَم السوريين من حقهم في الانتخاب والمشاركة السياسية. واعتبروا أن هذه التجربة الجديدة قد تكون نموذجاً يمكن توسيعه في مناطق أخرى، خاصة أنها تهدف إلى بناء جسور الحوار بين المجتمع والسلطات، وإحداث تغيير حقيقي في إدارة الشأن المحلي.

نحو بناء مجتمع جديد

أكدت ندى الخش، إحدى العضوات المنتخبات، على أن فكرة المجلس نشأت منذ 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، حين بدأ الناس في طرح تساؤلات حول كيفية تنظيم أنفسهم والتعبير عن آرائهم. وقالت: "طرحنا سؤلاً بسيطاً: لماذا لا يكون لدينا مجلس أهلي يمثل كل مصياف؟ ومن هنا انطلقت النقاشات التي استمرت ثلاثة أشهر، أدت إلى وضع نظام داخلي واضح ينظم عمل المجلس ويحدد مهامه وصلاحياته". وأشارت إلى أن التركيز كان على التنوع الطائفي والمهني والجندري، مشيرة إلى أن التحدي الأكبر يتمثل في إقناع جميع الأهالي بأن هذا المجلس يمثلهم فعلاً، وهو ما يتطلب حملات توعية وتواصل مستمر.

تجربة انتخابات مميزة

من جهتها، أعربت المهندسة داليا الحمصي، من بين الحضور والمشاركين في لجان الفرز، عن سعادتها البالغة بما وصفته بـ"التجربة الديمقراطية الرائعة"، مضيفة أنها المشاركة الأولى لها في انتخابات حرة سواء قبل الثورة أو بعدها. وأكدت أن الدعوات وجهت إلى ممثلين عن جميع شرائح المجتمع، وأن العملية الانتخابية تمت بشفافية عالية، حتى أن الأصوات التي حصل عليها كل مرشح تمت الإعلان عنها بشكل كامل. ورغم التفاؤل، أشارت إلى وجود بعض الانتقادات، خصوصاً من قبل البعض الذين شعروا بأنهم لم يحصلوا على فرص عادلة للمشاركة أو الفوز. وطالبت الحمصي القائمين على المجلس باستقبال النقد بصدر رحب، والسعي لتطوير آلية الاختيار لتكون أكثر شفافية وإنصافاً.

مهام ومستقبل المجلس

بحسب النظام الداخلي للمجلس، فإن مهمته الأساسية تتمثل في:

  • تمثيل المجتمع المحلي ورفع همومه وقضايا المواطنين.
  • بناء جسور تواصل مع السلطات المحلية والدولية.
  • تعزيز الحوار المجتمعي ودعم مسارات العدالة الانتقالية.
  • العمل على تحقيق المصالحة الداخلية وحفظ السلم الأهلي.

كما أعلن المجلس أنه سيبدأ خلال الفترة القادمة باستقبال طلبات الانضمام إلى عضويته، ضمن شروط واضحة ومحددة تنص عليها اللوائح الداخلية.

رسالة أمل من مصياف

مع انتهاء الجلسة، أظهرت الأجواء العامة في القاعة حماسة كبيرة لدى الحضور، الذين اعتبروا أن هذه الخطوة تمثل برقعاً صغيراً في طريق طويل نحو إعادة بناء الدولة السورية الجديدة، القائمة على الديمقراطية والعدالة والمساواة، متسائلين في ذات الوقت: هل تستطيع هذه المجالس المحلية أن تكون نواة للدولة المدنية المستقبلية؟ وما مدى استجابة هذه التجربة لتحديات الواقع وآمال الشعب؟

مشاركة المقال: