وسط صخب السيارات على كورنيش طرطوس، تبرز سيارة حمراء اللون، ليست لنقل الركاب، بل لنشر الكتب والمعرفة. إنها ليست مجرد وسيلة نقل، بل رحلة فكرية يقودها "بلال الخليفة"، صاحب فكرة المكتبة المتنقلة التي تهدف إلى كسر جمود رفوف المكتبات التقليدية.
سناك سوري _ تيماء يوسف
يقول "بلال الخليفة"، البالغ من العمر 29 عاماً، إن فكرة بيع الكتب والروايات انطلقت منذ حوالي ثلاثة أسابيع، حيث يخصص مساء كل خميس في تمام الساعة السابعة مساءً لهذه الحملة. ويضيف في حديثه لـ"سناك سوري" أن المكتبة المتنقلة هي امتداد لمشروعه "Delivery book"، الذي بدأ كمكتبة افتراضية على فيسبوك قبل نحو ثلاث سنوات، ثم تطور إلى مكتبة واقعية في مدينة طرطوس قبل عام.
يؤمن "بلال" بأن للكتاب مكانة حتى في أكثر الأماكن ازدحاماً، لذا اختار كورنيش طرطوس ليكون قريباً من الناس، مستغلاً أمسيات الصيف التي تشهد إقبالاً كبيراً من الباحثين عن متنفس للراحة. ولم يكتفِ بذلك، بل سعى إلى دمج دراسته الأكاديمية في ماجستير إدارة الأعمال مع مشروعه، مستخدماً أدوات تسويقية ذكية مثل التسويق الرقمي على منصات التواصل الاجتماعي، ومحاولة تنظيم فعاليات مبتكرة تقربه من الناس وتمنحه هوية مميزة.
لكن الأفكار لا تنجح بمفردها، بل تحتاج إلى دعم وإيمان من الآخرين. وهنا يبرز دور صديقيه، ابراهيم وعمار، اللذين يشاركانه في هذه الحملة وفي عروض أخرى. يقول ابراهيم محمود، البالغ من العمر 23 عاماً، وهو طالب طب بشري، في حديثه لـ "سناك سوري": «في البداية كنت زبوناً يختار لي بلال كتباً مميزة، ثم أصبحنا أصدقاء، واستخدمت سيارتي لتوصيل الكتب إلى الزبائن ضمن مدينة طرطوس وضواحيها، وبعدها تطورت الفكرة لتتحول السيارة إلى معرض كتب متنقل على الكورنيش البحري».
أما عمار خريساني، البالغ من العمر 33 عاماً، ويعمل مدرساً للغة الألمانية، فقد كان في البداية زبوناً مثل ابراهيم، ثم تحولت العلاقة إلى صداقة، وأصبح يقترح عليه أفكاراً ترويجية ويتناقشان بها، ويساعده في العثور على الكتب النادرة سواء من وكلاء أم دول خارجية، كما صرح لـ "سناك سوري".
لاقت التجربة استحساناً كبيراً من الناس، كونها أول سيارة تبيع الكتب في طرطوس. البعض التقط صوراً وشاركها على منصات التواصل الاجتماعي، والبعض الآخر عبّر عن دعمه على أرض الواقع بكلمات التشجيع أو شراء الكتب مباشرة.
تضم المكتبة المتنقلة تشكيلة متنوعة من الروايات العربية والعالمية، بالإضافة إلى كتب الفلسفة وعلم النفس والتنمية البشرية وغيرها، مما يجذب مختلف الأذواق. ويضيف "بلال" أن تطور المشروع خلال ثلاث سنوات انعكس بشكل واضح على نوعية الكتب وتنوعها، حتى بات بإمكان القارئ طلب عناوين نادرة أو طبعات أصلية قديمة يصعب العثور عليها في السوق المحلي. ويؤكد أنهم يبذلون قصارى جهدهم لتلبية طلبات الزبائن سواء من الدول الخارجية أو البحث في أرشيف المكتبات القديمة.
تجدر الإشارة إلى أن السيارة الحمراء تتواجد يوم الخميس من كل أسبوع على الكورنيش البحري، بالقرب من دوار مشوار باتجاه الجنوب. كما يقوم فريق "Delivery book" بتوصيل الكتب إلى مختلف المحافظات من خلال صفحتهم.