السبت, 6 سبتمبر 2025 12:53 AM

مليارات الاستثمارات الموعودة في سوريا: هل هي حقيقة أم مجرد وهم؟

مليارات الاستثمارات الموعودة في سوريا: هل هي حقيقة أم مجرد وهم؟

أثار الإعلان عن تدفق استثمارات أجنبية بمليارات الدولارات إلى سوريا جدلاً واسعاً بين الخبراء والمواطنين، حيث تثار تساؤلات حول مدى واقعية هذه الأرقام في ظل استمرار الاضطرابات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تعاني منها البلاد.

بينما تتحدث الحكومة عن إطلاق مشاريع ضخمة بقيمة 14 مليار دولار، يشكك اقتصاديون في مصداقية هذه الأرقام، خاصة مع انتشار معلومات عن شركات وهمية وأخرى مفلسة ذات عدد محدود من الموظفين. ويرى البعض أن هذه الاستثمارات ما هي إلا إعلانات نوايا لم تدخل حيز التنفيذ الفعلي بعد.

يرى المحلل الاقتصادي حسن ديب أن بعض المشاريع الخليجية قد بدأت بالفعل، بينما لا تزال مشاريع أخرى معلقة بسبب عقبات قانونية وإدارية. ويؤكد أن مستقبل الاستثمار في سوريا يعتمد على حل الأزمات الداخلية وتوحيد الرؤية الإقليمية تجاه البلاد.

من جانبه، كشف حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية عن جهود لاستعادة الأرصدة المجمدة في الخارج وتطوير أنظمة دفع وطنية تمهيداً لانفتاح اقتصادي أوسع بعيداً عن القروض التجارية والأسواق المالية العالمية.

ويشير زياد البني إلى أن أكثر من 300 مليون دولار من الأصول السورية لا تزال مجمدة في سويسرا وبريطانيا، بعضها مرتبط بشخصيات من النظام السابق. وتعمل الحكومة الجديدة على استعادة هذه الأموال لدعم خطط الإصلاح الاقتصادي.

على الرغم من أن بعض الشركات بدأت في تجهيز البنية التحتية واستقطاب الكفاءات السورية، إلا أن العديد من المشاريع لا تزال في مرحلة الترقب بسبب المخاوف من غياب الاستقرار. ويؤكد البني أن التروي في ضخ الاستثمارات هو السائد حالياً بسبب التعقيدات القانونية واللوجستية.

في المقابل، يرى خبير اقتصادي، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن الحديث عن مليارات الدولارات هو مجرد تضليل إعلامي، مشيراً إلى توقيع عقود مع شركات وهمية مثل "أوباكو" الإيطالية، التي تبين أنها مفلسة وغير موجودة فعلياً. وينطبق الأمر نفسه على شركة صينية حصلت على مساحة ضخمة في حمص، على الرغم من عدم وجودها في السجلات الرسمية.

على الرغم من هذا الواقع، هناك مشاريع حقيقية على أرض الواقع، مثل إعادة تأهيل قطاع الكهرباء بتمويل من البنك الدولي بقيمة 146 مليون دولار، ومشروع معمل الأسمنت السعودي بقيمة 100 مليون دولار، ولكن هذه المشاريع لم تحظ بتغطية إعلامية كافية مقارنة بحجمها وأهميتها.

يرى المحلل الاقتصادي أيمن الدبس أن الاستفادة من الاستثمارات الأجنبية تتطلب إعادة هيكلة شاملة للقطاعين العام والخاص، وتطوير استراتيجية وطنية واضحة للخصخصة تضمن الحفاظ على الشركات الحيوية ودمج أو تطوير الشركات الأخرى وفقاً للمعايير الدولية.

ويؤكد الدبس أن قطاع النفط والطاقة يجب أن يكون في صدارة الأولويات لما له من قدرة على توليد فائض مالي يمكن توجيهه لدعم التعليم والصحة، من خلال شراكات إنتاجية مع القطاع الخاص والمستثمرين الدوليين.

في النهاية، تبقى الاستثمارات في سوريا رهينة بالواقع السياسي والأمني، وتتطلب شفافية حكومية وإصلاحات اقتصادية جذرية لضمان تحويل الوعود إلى مشاريع حقيقية تنهض بالبلاد من جديد.

روسيا اليوم

مشاركة المقال: