الأحد, 20 أبريل 2025 11:02 AM

من الملكية إلى الوصول: كيف تعيد التكنولوجيا تشكيل الاقتصاد والمجتمع؟

من الملكية إلى الوصول: كيف تعيد التكنولوجيا تشكيل الاقتصاد والمجتمع؟

في كتابه "عصر الوصول"، يحلل الكاتب جيريمي ريفكين التحولات العميقة التي يشهدها الاقتصاد العالمي نتيجة للتطورات التكنولوجية، مركزًا على الانتقال من مفهوم الملكية إلى مفهوم الوصول. يوضح ريفكين كيف يغير المجتمع البشري مفاهيمه الاقتصادية والاجتماعية في العصر الرقمي، وكيف تحول السوق من فكرة "الملكية" إلى "الوصول"، مما يتيح للأفراد الوصول إلى مجموعة واسعة من الخدمات والمنتجات عبر الإنترنت دون الحاجة إلى امتلاكها فعليًا.

الاقتصاد الرأسمالي، الذي قام على تبادل الممتلكات في الأسواق، يفسح المجال لعالم الشبكات، حيث تحل إمكانية الوصول محل الملكية. يؤكد ريفكين أن الأفراد يتخلون عن فكرة التبادل السلعي التقليدي، وتتجه الشركات نحو استئجار كل ما يلزم لتسيير أعمالها. فبدلًا من بيع السلعة مع ضمان مجاني، أصبحت الشركات تقدم سلعها مجانًا بهدف الدخول في اتفاقيات خدمة طويلة الأمد.

تعبير "أنا عندي وأنا أملك" يتحول إلى "أنا أصل إلى". المواد باهظة الثمن كالسيارات والبيوت ستتزايد حيازتها عن طريق الإيجار أو العضوية. ويشرح ريفكين مفهوم "اقتصاد التجربة"، حيث تصبح حياة الفرد سوقًا تجارية، وتقاس قيمة الإنسان بلحظات عمره كوحدات سلعية.

يشير ريفكين إلى أن عمالقة العصر الصناعي مثل "جنرال موتورز" و"ديزني" و"سوني" و"مايكروسوفت" يستخدمون الثورة الرقمية لربط العالم، محولين إياه إلى سلعة عبر تجارب ثقافية معدلة ومشاهد تجارية للجماهير.

في العصر الصناعي، انصب الجهد الإنساني على إنتاج البضائع والخدمات، أما في عصر الوصول، فالآلات الذكية تعوض الجهد العضلي في الزراعة والتصنيع.

التحول الاجتماعي والسياسي

للتحول إلى عصر الوصول تأثيرات واسعة على الحياة الاجتماعية والسياسية. فمن الناحية الاجتماعية، أصبح الوصول إلى المعلومات والخدمات ضرورة، مما يزيد الفجوة الرقمية. ومن الناحية السياسية، يثير ريفكين تساؤلات حول سيطرة الشركات الكبرى مثل "أمازون" و"جوجل" على الوصول إلى المعلومات والمنتجات، مما يطرح قضايا الاحتكار والسيطرة.

إعادة برمجة العقل

يناقش ريفكين كيف ساهم التحول من تكنولوجيا الاتصال المطبوعة إلى الحاسوب في تغيير الوعي الإنساني، وتحول أساليب الاتصال من الثقافة الشفهية والمخطوطة إلى ثقافة المطبوع، مما سهل التفكير الملائم لمجتمع منظم حول الملكية الشخصية والتبادلات السوقية.

"روحية اللهو"

يختتم ريفكين كتابه بالحديث عن الصراع بين قوى التجارة العالمية ومؤيدي القطاع الثالث حول التحكم في الوصول إلى الأصناف الثقافية التي تؤلف "روحية اللهو" في القرن الجديد. ويرى أن روحية العمل تتماشى مع علاقات التملك، حيث العمل هو تطويع الطبيعة واستخراج مواردها، والممتلكات هي الصيغة النهائية التي يتخذها العالم الطبيعي بعد معالجته. وقد حددت روحية العمل كيفية توزيع الممتلكات في العصر الصناعي، وكانت عاملًا حاسمًا في تأسيس الفوارق الطبقية.

من جيريمي ريفكين؟

جيريمي ريفكين هو باحث أمريكي في علم الاجتماع والاقتصاد، ومؤسس جمعية خيرية للميول الاقتصادية، ومدرس في كلية "وارتون سكول" وجامعات أخرى، ومستشار لحكومات متعددة، وصاحب نظرية مجتمع التداخل (Access Society).

اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا

مشاركة المقال: