الجمعة, 31 أكتوبر 2025 01:17 AM

من دمشق إلى السودان: قصة نسيبة الأيوبي.. رائدة التعليم وتمكين الأجيال في المهجر

من دمشق إلى السودان: قصة نسيبة الأيوبي.. رائدة التعليم وتمكين الأجيال في المهجر

منذ عام 2015، لم تكن نسيبة صلاح الدين الأيوبي مجرد لاجئة في السودان، بل كانت رائدة تحمل رسالة تربوية وإنسانية. تركت نسيبة بصمة واضحة في حياة مئات العائلات السورية والسودانية من خلال مبادرات تعليمية أثمرت جيلاً جديداً من الطلاب.

نسيبة، المولودة عام 1972، هي خريجة كلية الدعوة وكلية التربية – فرع رياض الأطفال. كما حصلت على شهادات من جامعة عين شمس المصرية في الصحة النفسية والدعم والإرشاد النفسي السريع، مما أكسبها خبرة في التعامل مع الأطفال والأمهات نفسياً وتربوياً.

تقول نسيبة: "عندما وصلت إلى السودان عام 2015، لاحظت معاناة الأطفال السوريين في المدارس بسبب اختلاف اللهجة وصعوبة الاندماج. لذلك، تعاونا مع وزارة التربية السودانية لفتح صفوف خاصة داخل مدارس عامة، ليدرس طلابنا جنباً إلى جنب مع أقرانهم السودانيين. بدأنا بمدرسة بنين وأخرى للبنات، ثم روضة أطفال وثانوية بالتعاون مع مدارس سودانية".

تجاوز عدد الطلاب السوريين حينها 850 طالباً وطالبة، في وقت كان يعيش فيه نحو 200 ألف سوري في الخرطوم مع بدايات الحرب في سوريا. لكن التحديات الاقتصادية وتدهور الأوضاع المعيشية في السودان قلّصت الأعداد إلى نحو 185 ألفاً بحلول عام 2019.

وتوضح الأيوبي أن العمل التربوي لم يكن منفصلاً عن الجهود الاجتماعية والإغاثية، إذ أشرفت في "مكتب دعم العائلات السورية" على برامج دعم للأيتام والأرامل، إضافة إلى دورات تربوية ونفسية للأمهات. كما ساهمت في تمكين النساء السوريات عبر مشاريع صغيرة قادها زوجها من خلال محل للمنتجات السورية في الخرطوم.

وتضيف نسيبة: "كنا نعرض منتجات النساء السوريات مثل الملوخية المجففة والنعناع وغيرها، ونقيم معارض دورية في الحديقة الدولية بالخرطوم، بهدف دعم الأسر المنتجة وتعزيز روح التعاون بين النساء السوريات".

لم تقتصر مبادراتها على التعليم الرسمي، إذ نظمت منذ عام 2016 لقاءات أسبوعية في الحدائق العامة جمعت أكثر من 600 سيدة وطفل، وتضمنت برامج تربوية للأمهات، ودروساً في تجويد القرآن الكريم، وأنشطة للأطفال، إلى جانب إفطارات رمضانية وبرامج ترفيهية للأيتام والعائلات المتعففة.

ومع انتشار جائحة كورونا عام 2020، نقلت نسيبة نشاطها إلى الفضاء الرقمي، فأسست منصة "غراس لخدمة القرآن الكريم" التي استمرت في أداء رسالتها التعليمية عبر الإنترنت، لتصل إلى أكثر من 10 آلاف طالبة من مختلف الدول.

وتقول الأيوبي بفخر: "تحول مركز غراس من دار صغيرة في الخرطوم إلى صرح رقمي عالمي، يقدم التعليم القرآني والدعم النفسي للأمهات عبر الإنترنت".

ومع اندلاع الحرب في السودان عام 2023، اضطرت نسيبة إلى الانتقال شمالاً حيث استقرت في قرية صغيرة، وافتتحت فيها مركزاً جديداً لتحفيظ القرآن وتعليم الأمهات، يجمع بين التربية والتعليم والصحة النفسية، مستمرةً في رسالتها رغم الصعوبات.

اليوم، تُعد تجربة نسيبة الأيوبي نموذجاً ملهماً في العمل التربوي والتمكين المجتمعي، إذ جمعت بين التعليم والإغاثة والتنمية الأسرية، لتؤكد أن المرأة السورية قادرة على ترك أثر إيجابي أينما حلّت، حتى في أقسى ظروف النزوح والاغتراب.

مشاركة المقال: