الإثنين, 23 يونيو 2025 11:17 PM

مواجهة الحضارات: صراع الإنسان والإنسانية في عالم متوحش

يرى رودولف القارح، باختصار شديد وبعد الجريمة الأميركية، أن المدعو ترامب والمدعو نتانياهو/«ميكولوفسكي» هما وجهان لعملة واحدة. فالكيان الكولونيالي الجاثم على أرض فلسطين هو رأس حربة الغرب الجماعي العائد إلى شياطينه.

ويضيف أن البشرية دخلت مرحلة تاريخية جديدة توازي في إجرامها وخطورتها جريمة هيروشيما وناغازاكي. لقد سقط القناع نهائياً عن أنظمة الغرب الأطلسي الجماعي، مع تفاقم صراعاتها البنيوية وانحلالاتها الأخلاقية واتساع شروخها الداخلية، كما سقطت نهائياً السرديات التي بنت عليها «تفوقها» المزعوم، وجميع أكاذيبها حول «الإنسان وحقوقه».

الخط الفاصل بين الإنسان والإنسانية، والوحش والتوحّش، بات يمرُّ بين الغرب الجماعي هذا، وأنماطه الاقتصادية-الاجتماعية السائدة، وباقي العالم. لقد عدنا، وبكل فجاجة، إلى مقولات «الالتواءات الانحرافية» الغربية التي تدّعي تفوّق أوروبا/أميركا على باقي العالم. ويذكر القارح أن خيطاً غليظاً يربط بين نظرية «مانيفست دستني» (القدر الإلهي المحتوم لأميركا، قدر قيادتها مستقبل العالم، والمسجّل في «العهد القديم») التي خرجت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بعد الحرب الأهلية الأميركية والتي حكمت جميع سياسات واشنطن منذ ذلك الوقت، وشعار «ماغا» الترامبي، كما نظريات البريطاني روبرت كوبر مستشار توني بلير، مهندس أكاذيب غزو العراق، المنظّر الحديث لمقولة «حاجة العالم إلى إمبريالية جديدة»، كل ذلك معطوفاً وممزوجاً بخرافة «شعب الله المختار».

ويؤكد أنه ليس من الممكن أن يستمرّ العالم ومستقبل البشرية تحت هذه المظلّات الشيطانية المدمّرة، ولا أن ينبني مستقبل البشرية على قاعدة أنّ الأكثرية الساحقة من البشر في خدمة أقلّية ضئيلة متحكّمة، بحُجّة «تفوّقها» المزعوم، في مفاصل المستقبل البشري.

ويرى أن ساحة المواجهة بين الحق والباطل تمتدّ اليوم وفي هذه اللحظة، من فلسطين إلى إيران، ولا مجال للحياد أبداً. فإمّا أن تقاوم الوحش الصهيوأميركي وإمّا أن تكون إلى جانبه، فاعلاً أو خادماً، أو مستسلماً. لم يعد هناك مجال للمساحات الرمادية.

ويوضح أن الفارق بين إيران والكيان الكولونيالي الصهيوني، هو الفارق بين الخرافة الجاثمة على أرض فلسطين والمُسقطة اصطناعياً على أرضها، تبحث من دون جدوى عن «جذور» وهمية لا مشروعية لها، محاوِلة فرض أكاذيبها بعنف الأمر الواقع، وبين «حضارة تاريخية» تتجسّد اليوم في صيغة كيان قومي اسمه إيران نجح في استيعاب جميع مراحل تكوينه وصيرورته عبر التاريخ جاعلاً منها ركيزته البنيوية المركبة والمُنصهرة، وأساس مشروعيته عبر الزمن.

ويختتم بالإشارة إلى أن الرئيس الكوبي فيدل كاسترو سُئل في مؤتمر صحافي في باريس، وكانت المواجهة مع الغزاة اليانكيز على أشدّها: «من سينتصر في رأيك؟» فأجاب: «أرشدوني إلى حالة واحدة على مرّ التاريخ تمكّنت فيها مجموعة تقنيات الانتصار على حضارة».

مشاركة المقال: