الخميس, 2 أكتوبر 2025 02:07 PM

أزمة الرواتب الموطنة: اختلالات أخلاقية واقتصادية تهدد الاستقرار الاجتماعي

أزمة الرواتب الموطنة: اختلالات أخلاقية واقتصادية تهدد الاستقرار الاجتماعي

بات إيجاد حل جذري وسريع لأزمة الرواتب الموطنة في البنوك الخاصة أمراً ملحاً. فالموظف الذي يعتمد على راتبه كحق أساسي مقابل عمله، يجد نفسه غير قادر حتى على تغطية تكاليف المواصلات، بسبب القيود المفروضة على السحب الأسبوعي، هذا إذا توفرت السيولة أصلاً. الرواتب تحول إلى حسابات الموظفين ولكنها تبقى مجمدة، مما يحرمهم من حقهم الأساسي في التصرف بها. هذا الوضع غير عادل ويهدد الثقة في المؤسسات المصرفية ويمس كرامة المواطن بشكل مباشر.

قوشجي: أزمة أخلاقية واجتماعية قبل أن تكون تقنية

يرى الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي أن المشاكل التي تواجهها المصارف السورية منذ أكثر من عام ليست مجرد خلل نقدي مؤقت، بل تعكس فشلاً عميقاً في إدارة السياسة النقدية وغياب أي تدخل فعال من الجهات المعنية. ويؤكد أن هذه الأزمة تجاوزت كونها مجرد رقم في تقارير المصرف المركزي، لتتحول إلى مأساة يومية تمس كرامة آلاف الموظفين والمتقاعدين الذين تودع رواتبهم في المصارف الخاصة، ثم يمنعون من التصرف بها وكأنها ليست ملكهم.

وأشار أستاذ الاقتصاد إلى أن الموظف الذي قضى عمره في خدمة الدولة أصبح عاجزاً عن دفع أجرة المواصلات، فضلاً عن تلبية احتياجاته الأساسية، بسبب القيود الأسبوعية الهزيلة على السحب، والتي غالباً لا تكفي حتى لتغطية تكلفة وجبة واحدة. السيولة إما غائبة أو محجوزة، بينما تتراكم الرواتب في حسابات البنوك وتدار بعيداً عن أصحابها. ويؤكد قوشجي أن هذه المشكلة ليست تقنية، بل هي أزمة أخلاقية واقتصادية واجتماعية.

حسابات الرواتب.. أداة للفساد

يؤكد قوشجي أن الأزمة ليست تقنية فقط، بل هي أزمة أخلاقية واقتصادية واجتماعية، حيث تحولت الحسابات الموطنة إلى أدوات للفساد وغسيل الأموال، تستفيد منها قلة على حساب الأغلبية، وتفرض عمولات غير مبررة، وتمارس انتقائية في صرف الأموال، كل ذلك في ظل غياب الشفافية والرقابة الجادة.

تداعيات خطرة على المجتمع

يحذر قوشجي من أن استمرار هذا الوضع يهدد الاستقرار الاجتماعي ويعمق انعدام الثقة بين المواطن والقطاع المصرفي. ويقول: "حين يهان الموظف في راتبه، يهان في كرامته، ويهان الوطن في جوهره"، مؤكداً أن كرامة الموظف تبدأ من احترام حقه في الحصول على راتبه كاملاً وفي الوقت المحدد.

حلول مطلوبة فوراً

يقترح قوشجي مجموعة من الحلول العاجلة للخروج من هذه الأزمة، بما في ذلك إعادة هيكلة آلية الرواتب الموطنة، وفرض رقابة صارمة وشفافة على المصارف الخاصة، وضمان وصول الموظف إلى راتبه دون قيود أو شروط، ومحاسبة كل من يستغل الأزمة لتحقيق مكاسب غير مشروعة.

ختاماً، أزمة الرواتب الموطنة ليست مجرد مشكلة سيولة، بل هي أزمة تمس العدالة والكرامة والاستقرار الاجتماعي. المطلوب من المصرف المركزي ليس إصدار بيانات شكلية، بل اتخاذ إجراءات عملية حقيقية تعيد الثقة بالنظام المصرفي وتحافظ على ما تبقى من الاستقرار المعيشي للموظفين.

محمد راكان مصطفى

مشاركة المقال: