الإثنين, 3 نوفمبر 2025 03:09 PM

أوغاريت: مملكة الأبجدية.. قصة حضارة لا تزال تلهم العالم

أوغاريت: مملكة الأبجدية.. قصة حضارة لا تزال تلهم العالم

تستمر "أوغاريت"، مدينة التاريخ والحضارة، في التألق في سماء الإنسانية كأحد أبرز معالم التطور الفكري والثقافي. على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة آلاف عام ونصف على اختفاء هذه المملكة، إلا أن إرثها الفكري، وخاصة اختراع الأبجدية، لا يزال يثري حضارتنا حتى اليوم.

أولى إشراقات الفكر

في تصريح خاص لـ"الحرية"، يروي مدير آثار أوغاريت، الباحث في التراث الدكتور غسان القيم، تفاصيل تلك اللحظة التاريخية التي ولدت فيها أولى إشراقات الفكر البشري. وفي حديثه المثير، قال الدكتور غسان القيم: إن أوغاريت ذات يوم كانت مدينة تضج بالحياة، وتلمع في سماء التاريخ كجوهرة لا تشبه سواها. ويضيف القيم: أوغاريت كانت منبعاً للثورة الفكرية الأولى في تاريخ الإنسان، حيث نشأت فيها الكتابة الأبجدية، ذلك الإنجاز الذي غيّر مسار الحضارات من بعده. فقبل هذا الاختراع، كانت الكتابات القديمة تعتمد على الرموز الصورية المعقدة، التي كانت تمثل مفاهيم أو أشياء محددة، إلا أن ما جلبته أوغاريت من إبداع كان نظاماً صوتياً بسيطاً، يعتمد على عدد محدود من الحروف، ما جعل الكتابة أكثر مرونة وفاعلية.

نقطة تحول حاسمة

يؤكد الباحث القيم أن الأبجدية الأوغاريتية كانت نقطة تحول حاسمة في تاريخ الفكر البشري، حيث مهدت الطريق لظهور العديد من الأبجديات الأخرى مثل الفينيقية، الآرامية، العبرية، واليونانية. هذه الأبجدية الأوغاريتية التي تم اكتشافها على لوح طيني في أطلال أوغاريت، شكلت البذرة الأولى للثورات المعرفية والمعلوماتية، التي ما زالت تؤثر في عالمنا اليوم. ووفقاً للدكتور غسان، لقد قدمت مملكة أوغاريت للبشرية ما لم تقدمه ممالك كثيرة ازدهرت على هذه الأرض المباركة.

الأم التي أنجبت الأبجدية

أوغاريت إرث لا ينتهي. يظل السؤال الذي يطرحه الكثيرون: هل وجدت أبجدية أقدم من أبجدية أوغاريت؟ وعلى الرغم من جميع التنقيبات الأثرية التي أُجريت في أماكن مختلفة من العالم، إلا أن الجواب يبقى ثابتاً، حتى الآن: لا، لم يتم العثور على أي نظام كتابي أبجدي أقدم منها. وتظل أوغاريت، كما يصفها الدكتور غسان القيم، الأم التي أنجبت الأبجدية التي غيّرت مجرى التاريخ، وتحمل بين طياتها أسراراً تاريخية وثقافية لن يكتشفها العالم سوى عبر مرور الزمن.

إرث قديم قدم الزمن نفسه

أوغاريت ليست مجرد أطلال، بل هي حكاية حية من العشق الأبدي للمعرفة، فهي الأم التي أسست لحروفنا الأولى، والتي لا يزال صداها يتردد في كل مكان عبر العالم. وفي كل مرة يتعلم فيها طفل حروف الأبجدية، يتكرر بذلك إرث قديم قدم الزمن نفسه، إرث أوغاريت الذي ما زال يشرق في تاريخ الإنسانية إلى الأبد.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: