دمشق-سانا: تتخذ مديرية التراخيص في وزارة الإعلام خطوات ممنهجة منذ التحرير، تهدف إلى تحديد معالم واضحة تجمع بين الحرية والمسؤولية، بحيث لا يقتصر دورها على مراقبة المحتوى الإعلامي، بل يتعداه إلى المشاركة الفعالة في صناعته وتنظيمه في سوريا الجديدة. وباعتبارها الجهة المسؤولة عن منح التصاريح والموافقات وتنظيم الإبداع، تعمل المديرية على تمهيد الطريق أمام المؤسسات الإعلامية للعمل ضمن إطار قانوني متين، يضمن جودة العمل الإعلامي وينظم الإبداع الرقمي، لتمكين الإعلام من أداء دوره الحقيقي في نقل الحقائق بدقة وشفافية، وكشف الفساد ومواطن الخلل والتضليل، والمساهمة في نشر الوعي والتثقيف.
تحديات الماضي
واجهت مديرية التراخيص تركة معقدة من النظام السابق، تمثلت في كثرة الأوراق المطلوبة والشروط الأمنية والمالية، وغياب أرضية قانونية وتشريعية واضحة لتنظيم التراخيص. إلا أن المديرية بدأت حالياً بالاستفادة من تجارب دول أخرى، بالإضافة إلى خبرات المؤسسات الإعلامية التي كانت تعمل في الخارج، لوضع شروط عامة تراعي المصلحة العامة وتخفف من التعقيدات السابقة، بما يخدم مصلحة المستفيد.
الأسس التي اعتمدت عليها مديرية التراخيص
أوضح مدير مديرية الشؤون الصحفية في وزارة الإعلام، عمر حاج أحمد، لمراسلة سانا، المعايير الأساسية التي تعتمد عليها المديرية في منح أو رفض ترخيص وسيلة إعلامية جديدة، قائلاً: "ارتكزنا على تسهيل الإجراءات وخدمة المستفيد لتقديم أفضل صناعة إعلامية، مع ضمان الانفتاح الإعلامي في سوريا والالتزام بأخلاقيات المهنة."
وأضاف: "تعتمد الشروط على وجود إدارة عليا ذات كفاءة وخبرة للمؤسسة، وتأمين المكان المناسب والشروط الفنية، مع رسوم مالية بسيطة لكل نوع من المؤسسات." وأشار الحاج أحمد إلى أن تقييم طلبات التراخيص يتم من خلال لجنة تراخيص مؤلفة من سبعة أعضاء، جميعهم من مديري المديريات المعنية بترخيص المؤسسات الإعلامية في الوزارة، مؤكداً عدم وجود أي جهة أمنية أو سياسية ضمن هذه اللجنة أو تتدخل في عملها.
وأكد الحاج أحمد على ضرورة ألا يكون صاحب المؤسسة قد شارك في سفك الدم السوري أو التحريض الطائفي وخطاب الكراهية. وأوضح أن سحب أو إلغاء ترخيص أي مؤسسة يعتمد على لجنة مراقبة خارجية ستشكلها الوزارة لاحقاً، وتقتصر مهامها على التحقق من استدامة عمل المؤسسة، والتأكد من أنها ليست مؤسسة وهمية أو تعمل في مجال غير مجالها الحقيقي المرخص.
وشدد على أن أساس رفض أو إلغاء الترخيص سيكون مقتصراً على تحقيق الشروط الفنية للمؤسسة، ومدى استدامتها والتزامها بعملها المرخص، وكذلك التزامها بالقوانين الناظمة.
وفيما يتعلق بالتسهيلات المقدمة لوسائل الإعلام، لفت الحاج أحمد إلى أن طلبات الترخيص ستكون مؤتمتة بالكامل، مع منح فترة تجريبية تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر لاستكمال باقي الشروط الفنية والمالية. كما ستعمل المديرية على تقديم بعض الخدمات لهذه المؤسسات، من استشارية وتدريبية وفنية، إضافةً إلى صلة الوصل مع الوزارات والمديريات الحكومية المعنية.
التعامل مع وسائل الإعلام المرخصة في النظام السابق
أشار الحاج أحمد إلى أن الوزارة أعلنت عن مهلة ثلاثة أشهر لتقديم طلب تجديد رخص المؤسسات الإعلامية التي كانت مرخصة في النظام السابق، مع دفع نصف قيمة الرسم المخصص للمؤسسات الجديدة، بهدف ضبط المؤسسات الوهمية والمزيفة التي كانت موجودة بكثرة سابقاً.
الموازنة بين تنظيم الإعلام وحرية التعبير
أكد الحاج أحمد أن أول معايير الموازنة بين العمل الإعلامي وحرية التعبير هو الالتزام بأخلاقيات المهنة، ومدونات السلوك والمواثيق التي تعتمدها الوزارة، دون المساس بحرية التعبير. وأشار إلى أن العمل الإعلامي سيكون مستقبلاً مقتصراً على المؤسسات الإعلامية المرخصة أو المعتمدة في الوزارة، وأن الإجراء المتبع بحق المخالف هو طلب الترخيص لممارسة النشر الإعلامي.
صفحات التواصل الاجتماعي
أوضح الحاج أحمد أن صفحات التواصل الاجتماعي تعتبر مشاعاً إلكترونياً بالمنظور العام، ولكن المديرية ستقوم بترخيص منصات السوشال ميديا التي لديها عمل صحفي أو إعلامي أو إعلاني، أما ما عدا ذلك فهو شأن شخصي بصاحب الصفحة.
دور المديرية في تطوير الإعلام ورؤيتها المستقبلية
أكد الحاج أحمد أن الوزارة تسعى إلى وضع مدونة سلوك مهني تهدف إلى ضبط الخطاب الإعلامي والالتزام بأخلاقيات مهنة الإعلام، بما يحقق الانفتاح المطلوب مع مراعاة أخلاقيات المهنة، وتسهيل العمل الصحفي وضبطه بما لا يؤدي إلى تقييد حرية العمل الإعلامي ولا انفلات الخطاب الإعلامي.
وأوضح أن المديرية ستعد تقارير دورية ليطلع الجميع على عدد المؤسسات الإعلامية وتصنيفاتها، والمؤسسات المرفوضة وأسباب الرفض، مع وجود آلية شكاوى خاصة تعمل عليها الوزارة حالياً.
اخبار سورية الوطن 2_سانا